الخالديان أخوان شقيقان من أهل القرن الثالث كتبا بعض المؤلفات ونسبت إليهما آداب وغرر ولم يكونا يفترقان في حال من الأحوال ولا نعرف في أدباء العرب شقيقين آخرين اتفقا على إخراج بنات أفكارهما في مجلد واحد كما اتفقا على الخروج من بطن واحد إلا أولئك الأدباء الأخوة المشهورون عند الفرنسيس باسم كونكور وبول وفيكتور مارغريت ورسني.
قال الثعالبي في اليتيمة: أبو بكر محمد وأبو عثمان سعيد ابنا هاشم الخالديان: أن هذان الساحران يغربان بما يجلبان ويبدعان فيما يصنفان وكان ما يجمعهما من أخوة الأدب مثل ما ينظمهما من أخوة النسب فهما في الموافقة والمساعدة يحييان بروح واحدة ويشتركان في قرض الشعر وينفردان ولا يكادان في الحضر والسفر يفترقان وكانا في التساوي والتشابك والتشاكل والتشارك كما قال أبو تمام:
رضيعي لبان شريكي عنان ... عتيقي رهان حليفي صفاءِ
بل كما قال البحتري
كالفرقدين إذا تأمل ناظر ... لم يعل موضع فرقد عن فرقد
بل كما قال أبو اسحق الصابي فيهما:
أرى الشاعرين الخالديين سيرا ... قصائد يفنى الدهر وهي تخلد
جواهر من إبكار لفظ وعونه ... يقصر عنها راجز ومقصر
تنازع قوم فيهما وتناقضوا ... ومر جدال بينهم يتردد
فطائفة قالت سعيد مقدم ... وطائفة قالت لهم بل محمد
وصاروا إلى حكمي فأصلحت بينهم ... وما قلت إلا بالتي هي أرشد
هما في اجتماع الفضل زوج مؤلف ... ومعناهما من حيث يثبت مفرد
كذا فرقدا الظلماء كلا ... علاً أشكلا هل ذاك أم ذاك أمجد
فزوجهما ما مثله في اتفاقه ... وفردهما بين الكواكب أوحد
فقاموا على صلح وقال جميعهم ... رضينا وساوى فرقدا الأرض فرقد
وما أعدل هذه الحكومة من أبي اسحق فما منهما إلا محسن ينظم في سلك الإبداع ما فاق وراق ويكاثر بمحاسنه وبدائعه الإفراد من شعراء الشام والعراق وقد ذكرت ما شجر بينهما