قليل جداً قال: اقل ما يكون الرجال اللذين يعرفهم ويعرف تراجمهم وأحوالهم وبلدانهم أكثر من اللذين لا يعرفهم ليكون الحكم للغالب فقلت له: هذا عزيز في هذا الرمان أدركت أن أحداً كذلك فقال: ما رأينا مثل الشيخ شرف الدين الدمياطي ثم قال: وابن دقيق العيد كان له في هذا مشاركة جيدة. قال فتح الدين بن سيد الناس وأما المحدث في عصرنا فهو من اشتغل في الحديث رواية ودراية وجمع رواة واطلع على كثير من الرواة والروايات في عصره وتميز في ذلك حتى عرف فيه خطه واشتهر فيه ضبطه فإن توسع في ذلك حتى عرف شيوخه وشيخ شيوخه طبقة بعد طبقة بحيث يكون ما يعرفه من علل طبقته أكثر مما يجهله منها فهذا هو الحافظ وأما ما يحكى عن بعض المتقدمين من قولهم كنا لا نعد صاحب حديث من لم يكتب عشرين ألف حديث في الإملاء فذلك بحسيب أزمنتهم.
وقال أبو زرعة الرازي: كان أحمد بن حنبل يحفظ ألف ألف حديث قيل له وما يدريك قال: ذاكرته فأخذت عليه الأبواب: احفظ مائة ألف حديث صحيح ومائتي ألف حديث غير صحيح. وقال الحاكم في المدخل: كان الواحد من الحفاظ يحفظ خمسمائة ألف حديث سمعت أبا جعفر الرازي يقول سمعت أبا عبد الله بن وارة يقول كنت عند اسحق ابن إبراهيم بنيسابور فقال رجل من أهل العراق: سمعت أحمد بن حنبل يقول صح من الحديث سبعمائة ألف وكسروا هذا الفتى يعني ابا زرعة قد حفظ سبعمائة ألف حديث. قال البيهقي: أراد ما صح من الأحاديث وأقاويل الصحابة والتابعين وقال غيره: سئل أبو زرعة عن رجل حلف بالطلاق أن أبا زرعة يحفظ مائتي ألف حديث هل يحنث قال لا. ثم قال: احفظ مائة ألف حديث كما يحفظ الإنسان سورة قل هو الله أحد وفي المذاكرة ثلثمائة ألف حديث وقال أبو بكر محمد بن عمر الرازي الحافظ: كان أبو زرعة يحفظ سبعمائة ألف حديث وكان يحفظ مائة وأربعين ألفاً في التفسير والقرآن. وكان اسحق بن راهوية يملي سبعين ألف حديث حفظاً وأسند ابن عدي عن ابن شبرمة عن الشعبي قال: ما كتبت سواداً في بيضاء إلى يومي هذا ولا حدثني رجل بحديث قط الا حفظته فحدثت بهذا الحديث اسحق بن راهوية فقال: تعجب من هذا قلت: نعم قال: ما كنت لأسمع شيئاً إلا حفظته وكأني أنظر إلى سبعين ألف حديث او قال أكثر من سبعين حديث في كتبي. واسند عن أبي داود الخفاف قال: سمعت اسحق ابن راهوية يقول: كأني أنظر إلى مائة ألف حديث في كتبي