يا شرق بشراك أبدى شمسك الفلك ... وزال عنك وعن آفاقك الحلك
أضحى بك القوم أحراراً قد اعتصموا ... من النجاة بحبل ليس ينبتك
ماذا أقول وقد فزنا بمؤتمر ... في جانبيه ترى الآراء تشتبك
نادٍ] به القول من أهليه مستمع ... والحق متبع والأمر مشترك
نادٍ إذا نفرت عنا الأمور به ... لهنَّ يمتد من نسج النهى شرك
يصطاد فيه شرود الحق عن كثب ... كالماء يُصطاد في ضحضاحه السمك
إن السحائب لم تظهر بوارقها ... ما لم يكن للقوي فيهن معترك
وللتدابير حرب لا يخيب بها ... قوم بمستنقع الآراء قد بركوا
هذا هو المجلس الرحب الذي وسعت ... أحكامه الناس من عاشوا ومن هلكوا
هو السماء التي تعلو السما بها ... تبدو من العدل في آفاقها حبك
دارت بها شمس عز الملك حيث لها ... حرّية العيش برج والنهي فلك
قد أصبح الأمر شورى بيننا فيه ... على الرعية لا يستأثر الملك
وأصبح الناس في قربى وإن بعدت ... أديانهم ما بهم حقد ولا حسك
هذا الذي جاءنا الدين الحنيف به ... وحياً من الله مبعوثاً به الملك
هذا به نهض الإسلام نهضته ... من قبل إذ قام يستولي ويمتلك
يا قوم قد حان حين تسخرون به ... ممن بكم سخروا من قبل أو ضحكوا
مات الزمان الذي من قبل كان به ... يحيى امرؤٌ لم يكن في السعي ينهمك
هلاَّ نظرتم ما في الغرب من سنن ... كلٌ به سائرٌ طلقاً ومسلك
لم تلق للحق وجهاً فيه محتقراً ... ولم تجد حرمةً للعلم تنتهك
في الغرب أصوات علم يبعثون بها ... من القبور فهل في سمعكم سكك
فشمروا يا رجال الشرق عن همم ... حجابها عند أهل الغرب منهتك
ولست أطلب منكم فعل ما فعلوا ... ولا أحاول منكم ترك ما تركوا
بل فاذكروا أوليكم كيف قد سلفوا ... ثم اسلكوا في المعالي أية سكوا
واستخلصوا عسجد المجد الذي بلغوا ... سبكاً على قالب العلم الذي سبكوا
لا عذر للشرق عند الغرب بعدئذٍ ... إن لم يتم له في شأوه الدرك