والنهب لا يعقلون في توبتهم وإقبالهم إلى مناحي الديانة غير ذلك لأنها المعصية التي كانوا عليها قبل المقربة ومنها توبتهم فتجد ذلك المنتحل للدعوة القائم بزعمه بالسنة غير متعمق في فروع الاقتداء والاتباع وإنما دينهم الإعراض عن النهب والبغي وإفساد السابلة ثم الإقبال على طلب الدنيا والمعاش بأقصى جهدهم. انتهى.
هذا غاية ما يقال في تعريف الحسبة وشيء من تاريخها ولمعة من حالتها وقد ألف علماؤنا ما يربي على عشرين كتاباً في الحسبة المدنية خاصة أظفرنا البحث بأربعة منها حتى الآن وها نحن نتكلم على الكتاب الأول منها قال مؤلفه في مقدمته بعد البسملة والحمدلة والصلولة: أما بعد فقد رأيت أن أجمع في هذا الكتاب ما يستند من الأحكام إلى الأحاديث النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام مما ينتفع به هذا المنفذ لمنصب الحسبة والنظر في مصالح الرعية وكشف أحوال السوقة وغير ذلك على الوجه المشروع ليكون ذلك عماداً لسياسته وقواماً لرياسته فاستخرت الله تعالى في ذلك وضمنته طرفاً من الأخبار وطرزته بالحكايات والآثار ونبهت فيه على غش المبيعات وتدليس أرباب الصناعات مما يستحسنه من تصفحه من ذوي الألباب والمعلوم المشهور أن الكتاب عنوانه عقول الكتاب وجعلته سبعين باباً يشتمل كل منها على فصول شتى.
الباب الأول: في شرائط الحسبة وصفة المحتسب
الثاني: في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
الثالث: في الخمر والآلة المحرمة
الرابع: في الحسبة على أهل الذمة
الخامس: في الحسبة على أهل الجنائز
السادس: في المعاملات المنكرة
السابع: فيما يحرم على الرجال استعماله وما لا يحرم
الثامن: في الحسبة على منكرات السواق
التاسع: في معرفة القناطير والأرطال والمثاقيل والدراهم
العاشر: في معرفة الموازين والمكاييل والأذرع
الحادي عشر: في الحسبة على الطحانين والعلافين