تنظر إلى بنتها إذا أتت منكراً نظرة المسرورة المغتبطة كما أن الأب ينظر لابنة إذا فعل ذلك نظرة تفاخر إلا أن بعض الأمهات يدفعن عن بناتهن عشرة الصبيان الذين هم أكبر سناً منهن. وإنك لتجد هناك في مدارس القرى والمدن النبات والصبيان المتزوجين يتعلمن معاً والزوج في العاشرة والمرأة دون ذلك فإذا جاء المساء تهيء الزوجة لزوجها طعامه وهو يكدح لها بأن يجلب الرز واللحم ويحتطب أو يكتسب بعض دريهمات. وعبثاً حاول المرسلون والمعلمون ورجال الحكومة والإدارة هناك أن يعدلوا من هذه العادات في المالغاشيين ولكنها ما تزال راسخة.
على أن هذا الاقتران قليل البقاء وكلا لازوجين متقلب وكل أمر سائغ بدون أن يمس شرف أحد الزوجين. وتحسن المرأة سلوكها بعض التحسين عندما تلد أولاً وليس من العار أن ترزق أولاداً من آباء مختلفين بل أن زوجها لا يرى من الشنار أن يقبل أولاد غيره مع إيقانه بذلك ويعاملهم كما يعامل من تلدهم زوجته منه من الأولاد.
وهذه الحال في أخلاق المالغاشيين وإن كانت أقل مما هي عفي أوروبا ولكنها غير مموهة وليس فيها رياء كما في أوروبا حيث تحتقر الابنة التي تلد من السفاح ويحتقر ابنهم ويستنكف الناس من الاقتراب منه أما المالغاشي فيرى أن الوليد غير مسئول عما نقص من عدم مراعاة أبويه لشروط الزوجية وهي التي ينبغي أن تسبق ولادته في العالم المتمدن بيد أن كثيرين من الأوروبيين على ما فيهم من التقى جديرون بأن يأخذوا في هذا المعنى عن المالغاشيين المتوحشين. والداعي إلى هذه الحالة في المالغاشيين هواء بلادهم الذي يحرك النفوس منذ الصغر ثم أن الأزواج لا يرون بأساً في أن يناموا مع أولادهم ولو كبروا في محل واحد بل على حصير واحد. فيتعلم الطفل ما يتعلم منذ يأخذ في الإدراك. والجنود الأوروبيون المقيمون هناك لا يسعهم إلا أن يتزوجوا المالغاشيات ويلد لهم منهن. والبنت إذا حملت قبل أن يعرف لها زوج تفرح بما تلد هي وأهلها ن الناس في تلك الأصقاع يرون أن الغاية من الزواج تكثير النسل فلا بأس بالأطفال من أي الطرق جاؤوا.
ثم أن المعيشة هناك سهلة للغاية، فطعام الجميع الأرز ملتوتاً بشيء من مرق اللحم أو اللحم أو السمك والبقول المعروفة عندهم والماء الصرف يتساوى في ذلك الفقير والغني ولماذا يهتم المالغاشيون إذا كثر أولادهم ما دامت غاباتهم مملوءة بالشمع والمطاط بحيث لا تنضب