مجله المقتبس (صفحة 1984)

وإنك لتجد الممالك الصغرى في أوروبا من العناية بأمثال هذه المشاريع ما للممالك الكبرى وزيادة. فإذا كنا نسمع بنور المدينة ينبعث من ألمانيا وانكلترا وفرنسا في أوروبا فإن سويسرا والدانيمرك والسويد والبلجيك وهولاندة لا تقل عنها في المشاريع العامة الخيرية إن لم نقل تفوقها في أكثر حسنات المدينة لأن اللقمة الصغيرة يسهل ازدرادها أكثر من الكبيرة كما يقولون ولأن الصغير المدبر يتيسر له ضم أطرافه أكثر من الكبير المتوسع في أملاكه. وخذ مثلاً لذلك البلجيك فإنها بفضل صندوق التوفير العام فيها قد أصبح خمسة عشر ألف عامل فيها يملكون بيوتاً يسكنونها وذلك في مدة عشر سنين أسلف هذا الصندوق في خلالها اثنين وثلاثين مليوناً من الفرنكات للعملة والشركات وبواسطتهم عمرت هذه البيوت الرخيصة على أن مثال فرنسا وألمانيا وغيرهما من الممالك الكبرى مهما عنين بإعانة البائسين وإيواء المساكين فلا يبقين إلا مقصرات فإن شركات ألمانيا وغيرها من الأفراد سلفت العملة ثمانمائة مليون مارك لمثل هذه الأعمال الاجتماعية وكذلك فعلت إنكلترا وأقرضت عملتها. فترى بعض شركات كشركة البناء فيها لا تبين بيوتاً بل تقرض مالاً للعملة يبنون لأنفسهم به فيؤذي العامل كل يوم اثنين عشرة فرنكات مثلاً أي 520 فرنكاً في السنة بحيث يجتمع له بعد ثلاث سنين 1600 فرنك وبذلك يبين بأنه يستطيع أن يقتصد وعند ذلك يعمد إلى شركة من شركات بناء الدور الرخيصة ويطلب إليها أن تقرضه مالاً لإنشاء مسكن فيؤدي إليها أولاً الـ 1600 فرنك التي اقتصدها وثانياً مبلغ 2400 فرنك يدفعها بعد فتكون مكلها أربعة آلاف فرنك ويظل على تأدية عشرة فرنكات كل يوم اثنين من الاستهلاك وقد كثرت أنواع هذه الشركات وكان عددها في إنكلترا 2243 شركة لا يقل رأس مالها عن مليار فرنك حتى أن بعضهم رأى أن بعض تلك الشركات تقبض من العملة المشتركين معها كل يوم اثنين مليون فرنك.

كل هذه الأعمال لا ترى فيها الحكومة إلا أثراً ضئيلاً ما عدا ذلك فالأفراد والشركات سيديرون ما يديرون وكذلك رؤساء المعامل فإن منهم من يهتمون هناك بمصالح من يعملون عندهم اهتمامهم بمصالح أولادهم ولاسيما في البلاد الجبلية التي لا ترى فيها إلا صخوراً أو مضايق وأودية.

وقد استعمل بعضهم البيوت النقالة التي اخترعها الأميركان لتكون عوناً على استعمار

طور بواسطة نورين ميديا © 2015