الإمام عمر ولا بأمره كما جاء في بعض التقاليد فإن هذه الدعوى من الأغلاط التاريخية العظيمة إذ لم يكن أثر لهذه المكتبة عندما فتحت العرب مدينة الإسكندرية سنة 640 وعلى عهد البطالسة أصبح أمر المكتبة إلى ضعف فقسمت شطرين جعل كل منهما في مكان مستقل فحرق القسم الأول قضاءً وقدراً عندما استولى يوليوس قيصر على الإسكندرية سنة 47 قبل المسيح وذهب القسم الثاني وكان جعل في معبد سيرابيس على يد الأسقف تيوفيل بعد ذاك التاريخ بأربعمائة سنة عقيب الأمر الصادر عن تيودوس بالقضاء على جميع المعابد الوثنية وجعل عاليها سافلها.
ومن المكاتب الشهيرة في القديم مكتبة فرغامس برغامة في آسيا الصغرى أسسها أومينوس الثاني إبن آتال الأول قبل المسيح بمائتي سنة ويقول بلوتارك أنه كان فيها مائتا ألف مجلد بسيطة أهداها أنطونيوس أحد حكام اليونان إلى كلوبطرة ملكة مصر من نسل البطالسة. وقد نقل كثير من الكتب من مكاتب آثينة والشرق إلى إيطاليا وكانت المكاتب عند الرومان تبنى بالقرب من معابدهم وأول مكتبة أنشئت في رومية على يد أزينوس بولنيوس. ولطالما تنافس ملوكهم في الإكثار منها وفيهن من جعلوا خزائن الكتب العامة في قصورهم. تاسوى في الغلو بحب الكتب عالمهم وجاهلهم وعادلهم وظالمهم.
وتكلم عن الكتب على عهد البرابرة والهونس والغوط والغوط الغربيين والفنداليين وعلى غلاتهم من الإفرنج في القرون المتأخرة وأجاد ما شاء وشاء بيانه في اختيار المصنفات وانتقاء الأجود منها فأتى على ذلك بشيء مما قاله أهل العلم والحكمة منذ الزمن القديم إلى عهدنا هذا فقال أن توسيديد حضر مجلساً لهيرودتس المؤرخ اليوناني يتلو فيه بعض أهل آثينة شيئاً من تاريخه فاهتز وطرب ولم يتمالك أن بكى وكان عمره خمس عشرة سنة وكان ديموستين يغالي في الولوغ بتاريخ توسيديد نسخه بخطه الجميل ثماني مرات ليرسخ إنشاؤه في ذهنه ويطبع عليه. وكان الإسكندر الكبير مهووساً بإلياذة هوميروس يصبحها معه حيث ذهب ويضعها تحت المخدة مع سلاحه عندما ينام وكان شيشرون يرى ديموستين أخطب خطيب في كل ضرب من ضروب الخطابة ويعنى بما كتبه أرسطو وأفلاطون وتيوفراست كل العناية.
وكان شارلمان (742 ـ 814) ملك فرنسا مولعاً بتلاوة كتاب مدينة الله للقديس