عبد الله بن المقفع وعبد الحميد بن يحيى
نشأ للعربية في أوائل القرن الثاني للهجرة كاتبان بليغان يصح أن يدعيا واضعي أساس الإنشاء العربي وناهجي طريقة الكتابة المرسلة فكانا مناراً يهتدى به إلى يوم الناي هذا ونعني بهما عبد الله بن المقفع وعبد الحميد بن يحيى الكاتب. ظهر هذان الإمامان واللغة في نضرتها الأولى فكان لهما من فطرتهما السليمة أعظم مساعد لهما على النبوغ وزادت شهرتهما مساعد لهما على النبوغ وزادت شهرتهما لاتصالهما بالخلفاء والأمراء ومرانهما على الكتابة في الأغراض الكثيرة التي كانت تطلب إليهما فيخوضان عبابها مجليين مبرزين.
نشأ ابن المقفع في العراق على ما ينشأ عليه أبناء اليسار وكان والده ينتحل نحلة مجرس الفرس ولي خراج فارس للحجاج بن يوسف الثقفي في الدولة الأموية. ولقب المقفع لأن الحجاج ضربه فتقفعت يده أي تشخبت لمدها لأخذ الأموال على ما يقال. وربي ابنه عبد الله تربية إسلامية وأولع بالعلم وهو مكفي المؤونة فجاء منه في سن العشرين ما يندر أن يكون مثله لأبناء الأربعين والخمسين. واتصل بعيسى بن علي عم السفاح والمنصور الخليفتين الأولين من بني العباس وكاتب له واختص به وأراد أن يدين بالإسلام فجاء إلى عيسى ابن علي وقال له: قد دخل الإسلام في قلبي وأريد أن أسلم على يدك. فقال له عيسى: ليكن ذلك بمحضر من القواد ووجوه الناس فإذا كان الغد فاحضر. ثم حضر طعام عيسى عشية ذلك اليوم فجلس ابن المقفع يأكل ويزمزم على عادة المجس فقال له عيسى: أتزمزم وأنت على عزم الإسلام فقال: أكره أن أبيت على غير دين. فلما أصبح اسلم على يده فسمي بعبد الله وكني بأبي محمد.
أهم كتب ابن المقفع التي طار ذكرها كتاب كليلة ودمنة الذي نقله عن الفارسية ورسالته المعروفة باليتيمة في طاعة السلطان. قال القفطي وهو أول من اعتنى في الملة الإسلامية بترجمة الكتب المنطقية لأبي جعفر المنصور وترجم كتب أرسطو طاليس المنطقية الثلاثة وهي كتاب قاطيغورياس وكتاب باري أرمينياس (أوبارميناس) وكتاب أنا لوطيقا وذكر أنه ترجم إيساغوجي تأليف فرفوريوس الصوري. والأرجح أنه نقل هذه الكتب عن الفارسية