والآخر أبيض صرفت فيهما ألفي جنيه. ولكن كيف السبيل إلى أن تظهر أمام الأمير بالقفطانين في آن واحد فأوعزت إلى خادم لها وهي على المائدة أن يلقي عليها شيئاً من المرق من صفحة يحملها فعندها انسلت إلى غرفة تبرجها ولبست القفطان الآخر فتم لها ما أرادت من الظهور أمام الأمير في ثوبين ثمينين في آن واحد. وليست المرأة محبة للتبرج في جميع طبقات المجتمع الآن بل كانت كذلك منذ العصور المتطاولة في زمن يكاد يكون فيه اختراع السكة والمحراث جديداً أي في العصر الذي كان الإنسان يسكن فيه المغاور. فقد عثروا في بعض الكهوف على أقراط وحلق وأساور. وترى النساء المتوحشات لا يبالين بالألم ويفادين بكل عزيز في سبيل تبرجهن فيضعن الوشم على أكثر أطراف أجسمهن تأثراً كالفم والصدر ويثقبن الآذان وأنوفهن وشفاههن ويدخلن في لثاتهن قطعة من الخشب ويقلعن أسنانهن ويضغطن على رؤوسهن لتكون مستطيلة ويصغرن أرجلهن تساوي في ذلك الشابات والعجائز وإنك لترى بنات الستين يذكرن أيام شبابهن ولا يقصرن في التبرج كما ترى الطفلة الصغيرة أول ما تفتح عينها عليه أنواع التبرج والزينة. ومن غريب ما شاهد في تبرج النساء أن امرأتين في إحدى مستشفيات المجاذيب توصلن إلى أن يضعن على وجهيهما الأبيض والأحمر مع أن يُحظر على المجذوبات كثيراً أن يُؤتى إليهن بشيء من الذرور البيض والعطور وغيرها من أدوات الزينة فأخذت إحداهن أو بعضهن ينحتن بأسنانهن كلس حيطان غرفهن وجمعنه فصبغن به وجوههن أبيض ناصعاً أما الحمرة فعمدت إحداهن إلى قميص وهو قميص المستشفى وكان فيه بعض خيوط حمر فأخذت تنسلها حتى أتت عليها ثم وضعتها في إناء وصبت عليها ماء فانحل صباغه فصبغت وجهها وقد توصلت إحدى مختلات الشعور إلى أن صنعت لنفسها مشداً من أسلاك الحديد تشد به خصرها فكانت تذنب مرات عمداً حتى تسجن في مكان بعيد عن رفيقاتها وراء حائط من أسلاك الحديد فتنسل كل مرة سلكاً حتى تجمع لها ما أرادت. وقد جرب بعضهم إدخال ثلاث أصناف من الألبسة إلى إحدى مستشفيات المجذوبات أعلى وأوسط وأدنى وقرر أن من كانت منهن حسنة السلوك تعطى الثوب الأعلى فما كان منهن كلهن إلا أن أحسن سلوكهن ليأخذن ثياباً من النمط الجديد.
النساء وإن يكن لا يرين في التبرج حرجاً عليهن إلا أنهن لا يردن أن يقال عنهن