الخليفة في اللباس والزي والطيب والفرش والضيافات والتفسح في النفقات.
وهل سمعتم بمرتبة لمسلم في مسلم أو لنصراني في مسلم مثل المرثية البارعة التي نظمها الشريف الرضي في أبي إسحاق إبراهيم الصابيء المتوفى في شوال سنة 384 ومطلعها:
عطفاً أمير المؤمنين فإننا ... في دوحة العلياءِ لا نتفرق
ما بيننا يوم العلاء تفوت ... أبداً كلانا في العلاء معرق
إلا الخلافة ميزتك فإنني ... أنا عاطل منها وأنت مطوق
وكان للنصارى واليهود في بغداد كلمة نافذة وقول مسموع في شؤون الدولة والعامة والسياسة ويشهد بذلك ما حدثنا به صاحب تاريخ الزوراء عن يوسف بن فيجاس أوبنخاس اليهودي وزكريا بن يوحنا وأبي عمرو سعيد بن الفرُّخان النصراني وهرون بن عمران اليهودي وبشر بن علي النصراني وأبي سهل نصر بن علي النصراني وأبي نصر بن بشر بن عبد الأنباري النصراني وابي الفضل بنان بن بنان النصراني وعلي بن عيسى الزنداني النصراني بل النساء النصرانيات كان لهن يد في سياسة الملك مثقل فرج النصرانية فقد مكان الخليفة المقتدر العباسي ينفذها في أمور الدولة ويعمل برأيها ويرسل خاتمه معها إلى من يريد تقليده الوزارة. وأمثال ذلك كثيرة حتى أن الناصر لدين الله قلد الجيش إسرائيل النصراني كاتبه والمعتضد بالله ملك ابن الوليد النصراني كاتب بدر الولاية العامة على الجيش. وكذلك فعل الوزير الكبير ابن الفرات فإنه قلد الولاية العامة على جيش المسلمين لرجل نصراني وجعل أنصار الدين وحماة البيضة يقبلون يده ويمتثلون أمره بسبب هذه الوظيفة.
وكان بيت مال المسلمين تخرج منه الإنعامات السنية لأكابر الكتاب من النصارى وتقديرها بالمائة ألف دينار كما وقع لأصطفن بن يعقوب كاتب بيت مال الخاصة في أيام ابن الفرات وليعقوب ابنه حتى بلغت ثروتهما ألف ألف دينار.
وكان ابن الفرات قد رسم بأن يدعى في كل يوم إلى طعامه خمسة من أصحابه المسلمين وهم: أبو الحسن موسى بن خلب وأبو علي محمد بن علي بن مقلة وبو الطيب محمد بن أحمد الكلوذاني وأبو عبد الله محمد بن صالح وأبو عبد الله الذي روى ولده هذه القصة وهو أبو القاسم ابن زنجي. وأربعة من أخصائه النصارى وهم: أبو بشر عبد الله الفرُّوخان