جنس ما يدل عليه. قدمه مؤلفه إلى احد ملوك عصره إلا أنه لم يذكر اسمه ويرى الناشر أن المقدم إليه ربما كان وزير المنصور بن نوح الساماني.
والجزء الرابع الذي أهدي إلينا يبدأ من الفصل الثاني عشر بذكر أديان أهل الأرض ونحلهم ومذاهبهم وآرائهم من أهل الكتاب وغيرهم وانتهى بالسادس عشر لسنة إحدى عشرة من الهجرة قال في ذكر المعطلة والملاحدة أو الدهرية أو الزنادقة أو المهملة: وقط ما انتشروا في أمة من الأمم ولا أقروا في وقت من الأوقات انتشارهم في هذه الأمة لإعطائهم الإقرار بالديانة ظاهراً (وهو ما نسميه اليوم بحرية الأديان) وحقن الشريعة دم من أجاب إليها وهم هؤلاء الباطنية الباطلية الذين تخلعوا عن الأديان ومرجوا نفوسهم في ميادين الشهوات فحظوا عند الظلمة بترخيصهم لهم في ارتكاب ما يهوون وتهوينهم عليهم عواقب ما يحذرون حتى ترى المظالم قد فشت والقلوب قد قست والمنكرات قد ظهرت والفواحش قد كثرت وارتفعت الأمانة وغلبت الخيانة وعطلت المروءة واستخف بالربانيين واهتضم المستضعفون وأميت العدل وأحيي الجور فظهر ما لم يذكر في عهد ملك من الملوك في قديم الدهر وحديثه ولا في زمن نبي من الأنبياء عليهم السلام. . .
وفي الكتاب فوائد كثيرة جغرافية وتاريخية واجتماعية وعمرانية وهو من أهم الكتب في النحل والملل وخوضه فيها يدل على أن المؤلف هو البلخي لما عرف من ترجمته أنه طالما اجتمع بزعماء أرباب الملل واستوصفهم معتقداتهم قال في طورسينا: يخرج الرجل من مصر إلى قلزم في ثلاثة أيام ومن قلزم إلى الطور طريقان أحدهما في البحر والآخر في البر وهما جميعاً يؤديان إلى فاران وهي مدينة العمالقة ثم يسير منها إلى الطور في يومين فإذا انتهى إليه صعد ستة آلاق وستمائة وستاً وستين مرقاة وفي نصف الجبل كنيسة لإيليا النبي وفي قلة الجبل كنيسة مبنية باسم موسى عليه السلام بأساطين من رخام وأبواب من صفر وهو الموضع الذي كلم الله عز وجل فيه موسى وقطع منه الألواح للتوراة ولا يكون فيها إلا راهب واحد للخدمة ويزعمون أنه لا يقدر أحد أن يبيت فيها فيهيء له بيت صغير من خارج بناء فيه.
والكتاب كما رأيت لطيف الأسلوب في إنشائه. وإنشاء القرن الرابع مهما انحط أرقى من إنشاء الأعصر التي تليه. وقد اتضح أن مؤلفه معتزلي من نسبة الاختيار المطلق للإنسان