فإنك إن كشفتهم ربما انجلى ... رمادهم عن جمرة تتلهب
فتاركهم ما تاركوك فإنهم ... إلى الشر مذ كانوا من الخير أقرب
ولا تغترر منهم بحسن بشاشة ... فأكثر إيماض البوارض خلب
واصغ إلى ما قلته تنتفع به ... ولا تطرح نصحي فإني مجرب
فما تنكر الأيام معرفتي بها ... ولا إنني أدرى بهن وأدرب
وإني لأقوام جُذيلٌ محكك ... وإني لأقوام عذيق مُرَّجب
عليم بما يرضي المروءة والتقى ... خبير بما آتي وما أتجنب
حلبت أفاويق الزمان براحة ... تدر بها أخلافه حين تُحلب
وصاحبت هذا الدهر حتى لقد غدت ... عجائبه من خبرتي تتعجب
ودوخت أقطار البلاد كأنني ... إلى الريح أعزى أو إلى الخضر أنسب
وعاشرت أقواماً يزيدون كثرة ... على الألف أو عد الحصا حين يحسب
فما راقني في ارضهم قط مرتع ... ولاشافني في وردهم قط مشرب
تراني وإياهم فريقين كلنا ... بما عنده من عزة النفس معجب
فعندهم دنيا وعندي فضيلة ... ولا شك أن الفضل أعلى وأغلب
على أن ما عندي يدوم بقاؤُه ... عليَّ ويفنى المال عنهم ويذهب
أناسٌ مضى صدرٌ من العمر عندهم ... أصعد ظني فيهم وأصوب
رجوت بهم نيل الغنى فوجدته ... كما قيل في الأمثال عنقاءُ مغرب
وكسل عزم المدح بعد نشاطه ... لذي ذمه عندي من المدح أوجب
كان القوافي حين تدعى لشكرهم ... على الجمر تمشي أو على الشوك تسحب
أفوه بحق كلما رمت ذمهم ... وما غير قول الحق لي قط مذهب
وأصدق إلا أن أريد مديحهم ... فإني على حكم الضرورة أكذب
ولو علموا صدق المدائح فيهم ... لكانت مساعيهم تهش وتطرب
وله في الوصف أشعار منها قصيدة يذكر فيها حريق منظرة بدر بن رزيك على الخليج ويذكر داره الأخرى وما فيها من الستور وتصاويرها ومقاطعها قال فيها:
لم تحترق دار الخليج وإنما ... شبت لمن يسري بها نار القرى