مجله المقتبس (صفحة 1610)

المثل في حسن السيرة بالعمرين وهما أبو محمد جعفر بن مبشر الثقفي وأبو الفضل جعفر بن حرب ومنهم أبو جعفر الإسكافي وأبو عبد الله الدباغ وأبو علي الجبائي ومنهم أبو العباس الناشيء ومحمد بن عمر الصيمري والسيرافيان أبو القاسم وأبو عمران وقاضي القضاة عبد الجبار الهمداني ومنهم الصاحب بن عبدا والقاضي علي بن عبد العزيز الجرجاني والجوهري صاحب الصحاح والشريف المرتضى وأبو بكر الرازي وأبو بكر الدينوري.

ومما يؤثر في أخلاق أئمة المعتزلة وورعهم ما قاله الواثق لأحمد بن أبي داؤد لم لا تولي أصحابي (أي المعتزلة) القضاء كما تولي غيرهم فقال يا أمير المؤمنين إن أصحابك يمتنعون من ذلك وهذا جعفر بن مبشر وجهت إليه بعشرة آلاف درهم فأبى أن يقبلها فذهبت إليه بنفسي واستأذنت أن يأذن لي فدخلت من غير إذن فسل سيفه في وجهي وقال الآن حلَّ لي قتلك فانصرفت عليه فكيف أولي القضاء مثله. وروي أن أحد أئمتهم جعفر بن مبشر أضرت به الحاجة حتى كان يقبل القليل من زكاة أخوانه فحضره يوماً بعض التجار فتكلم بحضرته في خطبة نكاح فأعجب به ذلك التاجر فسأل عنه فأخبر بمسكنته فبعث إليه بخمسمائة دينار فردها فقيل له قد عذرناك في رد مال السلطان للشبهة وهذا تاجرماله من كسبه فلا وجه لردك فقال جعفر إنه استحسن كلامي افتراني أن آخذ على دعائي إلى الله تعالى موعظتي ثمناً لو لم أكن فعلت هذا ثم ابتدأني لقبلت. وروي أن بعض السلاطين وصله بعشرة آلاف درهم فلم يقبل وحمل إليه بعض أصحابه بدرهمين من الزكاة فقبل فقيل له في ذلك فقال: أرباب العشرة أحق بها مني وأنا أحق بهذين الدرهمين لحاجتي إليهما وقد ساقهما الله إلي من غير مسألة وأغناني بهما عن الشبهة والحرام.

وفي طبقات السبكي: قال ابن الصلاح هذا الماوردي عفا الله عنه يتهم بالاعتزال وقد كنت لا أتحقق ذلك عليه وأتأول له وأعتذر عنه في كونه يورد في تفسيره في الآيات التي يختلف فيها أهل التفسير تفسير أهل السنة وتفسير المعتزلة غير متعرض لبيان ما هو الحق منهما وأقول لعل قصده إيراد كل ما قيل من حق أو باطل ولهذا يورد من أقوال المشبهة أشياء مثل هذا الإيراد حتى وجدته يختار في بعض المواضع قول المعتزلة وما بنوه على أصولهم الفاسدة ومن ذلك مصيره في الاعتراف إلى أن الله لا يشاء عبادة الأوثان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015