مجله المقتبس (صفحة 1517)

والفاقة لم يجد بداً من ترك الحياء ومن ذهب حياؤه ذهب سروره ومن ذهب سروره مقت ومن مقت أوذي ومن أوذي حزن ومن حزن ذهب عقله واستنكر حفظه وفهمه ومن أصيب في عقله وفهمه وحفظه كان أكثر قوله وعمله فيما يكون عليه لا له فإذا افتقر الرجل اتهمه من كان له مؤتمناً واساء به الظن من كان يظن به حسناً فإذن أذنب غيره أظنوه وإن كان للتهمة وسوء الظن موضعاً وليس خلة هي للغني مدح إلا هي للفقير عيب.

فإن كان شجاعاً سمي أهوج.

وإن كان جواداً سمي مفسداً.

وإن كان حليماً سمي ضعيفاً.

وإن كان وقوراً سمي بليداً.

وإن كان لسناً سمي مهذاراً.

وإن كان صموتاً سمي عيباً.

وكان يقال من ابتلى بمرض في جسده لا يفارقه أو بفراق الأحبة والأخوان أو بالغربة حيث لا يعرف مبيتاً ولا مقبلاً ولا يرجو إياباً أو بفاقة تضطره إلى المسألة فالحياة له موت والموت له راحة.

وجدنا البلايا في الدنيا إنما يسوقها إلى أهلها الحرص والشره فلا يزال صاحب الدنيا يتقلب في بلية وتعب لأنه بخلة الحرص والشره.

وسمعت العلماء قالوا: لا عقل كالتدبير ولا ورع كالكف ولا حسب كحسن الخلق ولا غنى كالرضا وأحق ما صبر عليه ما لا سبيل إلى تغييره.

وأفضل البر الرحمة ورأس المودة الاسترسال ورأس العقل المعرفة بما يكون وما لا يكون وطيب النفس وحسن الانصراف عما لا سبيل إليه وليس في الدنيا سرور يعدل صحبة الأخوان ولا فيها غم يعدل غم بفقدهم.

لا يتم حسن الكلام إلا بحسن العمل كالمريض الذي قد علم دواء نفسه فإذا هو لم يتداو به لم يغنه والرجل ذو امروءة قد يكرم على غير مال كالأسد الذي يهاب وإن كان عقيراً والرجل الذي لا مروءة له يهان وإن كثر ماله كالكلب الذي يهون على الناس وإن طوق وخلخل.

ليحسن تعاهدك نفسك بما تكون به للخير أهلاً فإنك إن فعلت ذلك أتاك الخير يطلبك كما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015