من أشد عيوب الإنسان خفاء عيوبه عليه فإنه من خفي عليه عيبه خفيت عليه محاسن غيره ومن خفي عليه عيب نفسه ومحاسن غيره لم يقلع عن عيبه الذي لا يعرف ولن ينال محاسن غيره التي لا يبصرها أبداً.
خصال يسر بها الجاهل كلها كائن عليه وبالاً منها أن يفخر من العلم والمروءة بما ليس عنده ومنها أن يرى بالأخيار من الاستهانة والجفوة ما يشمته بهم.
ومنها أن يناقل عالماً وديعاً منصفاً له في القول فيشتد صوت ذلك الجاهل عليه ثم يفلجه نظراؤه من الجهال حوله بشدة الصوت وكثرة الضحك.
ومنها أن يفرط منه الكلمة والفعلة المعجبة للقوم فيذكر بها.
ومنها أن يكون مجلسه في المحفل أو عند السلطان فوق مجالس أهل الفضل عليه.
من الدليل على سخافة المتكلم أن يكون ما يُرى من ضحكه ليس على حسب ما عنده من القول أو يجاذب الرجل الكلام وهو يكلم صاحبه ليكون هو المتكلم أو يتمنى أن يكون صاحبه قد فرغ وأنصت له لم يحسن الكلام.
فضل العلم في غير الدين مهلكة وكثرة الأدب في غير رضوان الله ومنفعة الأخيار قائد إلى النار.
والحفظ الذكي الواعي بغير العلم النافع مضر بالعمل الصالح والعقل غير الوازع عن الذنوب خازن للشيطان.
لا يؤمننك شر الجاهل قرابة ولا جوار ولا ألف فإن أخوف ما يكون الإنسان لحريق النار أقرب ما يكون منها وكذلك الجاهل إن جاورك أنصبك وإن ناسبك جنى عليك وإن ألفك حمل عليك ما لا تطيق وإن عاشرك آذاك وأخافك مع أنه عند الجوع سبع ضار وعند الشبع ملك فظ وعند الموافقة في الدين قائد إلى جهنم فأنت بالهرب منه أحق منك باهرب من سم الأساود والحريق المخوف والدَّين الفادح والداء العياء.
كان يقال قارب عدوك بعض المقاربة تنل حاجتك ولا تقاربه كل المقاربة فيجترئ عليك عدوك وتذل نفسك ويرغب عنك ناصرك ومثل ذلك العود المنصوب في الشمسي إن أملته قليلاً زاد ظله وإذن جاوزت الحد في إمالته نقص الظل.
الحازم لا يأمن عدوه على كل حال إن كان بعيداً لم يأمن من معاودته وإن كان قريباً لم