تحريرها وعليها خطة بذلك وبلغ من كثرة اعتنائه بالكتب وغوايته فيها أنه كتب لكثير من الكتب الصغار والمقالات المتفرقة في الطب وهي في الأكثر يوجد جماعة منها في مجلد واحدا استنسخ كلاً منها بذاته في جزء صغير قطع نصف ثمن البغدادي بمسطرة واضحة وكتب بخطه أيضاً عدة منها واجتمع عنده من تلك الأجزاء الصغار مجلدات كثيرة فكان أبداً لا يفارق في كمه مجلداً يطالعه على باب دار السلطان او اين توجه.
وكان للقاضي الفاضل من رجال صلاح الدين يوسف ولع بتحصيل الكتب ولعه بالكتابه قيل إن كتبه التي ملكها تكون مئة ألف مجلد وليس هذا يبعد على من كان له من صلاح الدين المكانة المعروفة فقد كان دخله ومغله على ما في كتب التاريخ نحو خمسين ألف دينار سوى متاجر الهند والمغول وغيرهما. وكان جمال الدين بن القفطي الصعيدي وزير حلب المعروف بالقاضي الاكرم المتوفي سنة 646 جماعاً للكتب جمع منها ما لا يوصف وكانوا يحملونها إليه من الآفاق وكانت مكتبته تساوي خمسين ألف دينار ولم يحب من الدنيا سواها وله حكايات غريبة من غرامه بالكتب ولم يخلف ولداً فاوصى بمكتبته لناصر الدولة صاحب حلب.
وكان ناصر الدين العسقلاني المتوفي سنة 723 جماعاً للكتب خلف ثمان عشرة خزانة مملوءة كتبا نفيسة أدبية وكانت زوجته تعرف ثمن كل كتاب وبقيت تبيع منها إلى سنة تسع وثلاثين وسبعمائة وكان إذا أراد أي مجلد قام إلى خزائنه وتنأوله كانه الآن وضعه بيده قال ابن الكتبي: وكان يباشر الإنشاء بمصر زماناً إلى أن اضر لأنه أصابه سهم في نوبة حمص الكبرى فعمي وبقي ملازماً بيته. وخلف ابو زكريا يحيى معين المعري البغدادي الحافظ المشهور من الكتب مائة قمطر وأربع حباب شبأبية مملوءة كتباً وكان الأمير ابن فاتك من افاضل اعيان مصر محباً لتحصيل العلوم وكانت له خزائن كتب فكان في أكثر اوقاته إذا نزل من الركوب لا يفارقها وليس له دأب الا المطالعة والكتابة ويرى أن ذلك أهم ما عنده وكانت له زوجة كبيرة القدر أيضاً من أرباب الدولة فلما توفي نهضت هي وجوار معها إلى خزائن كتبه وفي قلبها من الكتب وإنه كان يشتغل بها عنها فجعلت تندبه وفي اثناء ذلك ترمي الكتب في بركة ماء كبيرة في وسط الدار هي وجواريها ثم شيلت الكتب المبشر ابن فاتك يوجد كثير منها وهو بهذه الحال.