ذكرت بادئ بدء الحسنات في حياتي ولكني لما فكرت في الحوادث المكررة التي انتابتني في غضونها رأيت أن مثل هذا هذه الترجمة أن لم تكن كلها كذباً لم تكن كلها مكتوبة بإخلاص لأني مثلت فيها المناحي الحسنة وأسدلت حجاب السكوت على المناحي السيئة وعندما فكرت في كتابه الحقيقة على بابها دون أكتم منها شيئاً من السيئات التي تخللت حياتي ذعرت مما يكون لهذه الترجمة من التأثير في الأذهان وفي ذلك مرضت وعاودني الفكر خلال هذه العطلة التي ساقني إليها حكم الاضطرار وبقي يتردد في خاطري ذكرى ولكنها كانت مفزعة. وكنت أشعر لا توصف بما قاله بوشكين الشاعر في قصيدتهالذكرى
ذاقت نفسي عذاب الجحيم لما ذكرت لؤم حياتي الماضية ولم أعد أفارق تلك الذكرى بتة فإنها سمعت حياتي وكدرت سربي وشربي. جرت العادة أن يأسف الناس على نسيان ما جرى لهم بعد موتهم فيا ما أسعد ذلك من حال. ولبيت شعري أي أوصاب كانت تنالني في هذه الحياة لو ذكرت كل ما تعذب به وجداني وكل ما ارتكبه من أثم في حياتي السالفة ومن ذكر الخير كان عليه أن يذكر الشر. فيا سعدي أن نسيت ذكرى ما شقيت به بعد موتي من ذات نفسي غير الوجدان ذاك الوجدان الذي يمثل الخير والشر والصغير والكبير والسلبي والإيجأبي.
نعم إذا غربت الذكرى عن الذهن عد ذلك نعمة كبرى وما دمت تتردد في الخاطر لا يتأتي أن يعيش المرء مسروراً ولكن إذا غابت صورتها ندخل ميدان الحياة وصحيفتنا بيضاء نقية فيكتب عليها ما جد لنا من الخير والشر.
وبعد فلم تكن حياتي كلها منحطة المقام في خبثها بل كان منها عشرون سنة كذلك ومعلوم أيضاً أن حياتي في ذلك الدور لم تكن شراً دائما كما تمثلت في عيني في غضون مرضي إذ قد تنبهت في ذلك أميال نحو الخير لم تطل كثيراً بل أطفئت شعلتها للحال بما دهمني من الشهوات التي لم يضبطها عنان.
على أن اشتعال الفكر على هذا النحو في خلال مرضي دلني في دلالة صريحة على أن ترجمة الإنسان نفسه على ما تكتب في العادة التراجم إذا أغضيت فيها عن نذالتي وجريمتي في حياتي تكون ولا جرم كذباً وإن خير الأساليب التي يتوخاها الكاتب في ترجمته أن ينطق بالحقيقة على جليتها. وأمثال هذه التراجم هي التي تمثل الحقيقة على