يراع إذا ما كان يوم كريهة ... وأسد إذا أكل التريد فظاظ
وربما بلغت جناية الكأس إلى عقب الرجل ونجله. وقال المأمون لقوم: يا نظف الخمار ومرابع الصؤور وأشباه الخول وقال مسلم بن قتيبة: أن ال فلان أعلاج أو باش لئام غدر شاربون بانقع ثم هذا يعد في نفسه نظفه خمار في رحم طاحد وربما بلغت جناية الكأس زوال النعمة وسقوط المرتبة وتلف النفس فإن الرجل ربما استخلصه السلطان لمنادمته وأدخله موضع آنسة فيزين له الكأس غمزة القينة والعبث بالخادم والتعرض للحرمة وقال المأمون: الملوك تحتمل كل شيء إلا ثلاثة أشياء إفشاء السر والقدح في الملك والتعرض للحرم. وقد بلغك من ذلك ما لا أحتاج إلى ذكره وقديماً بلي المعاقرون بمثل هذا من جرائر الكأس. وقد كان عمرو بن هند طرفة الذي استخلص طرفة بن العبد لندامته فبينما هو يوماً يشرب أشرفت أخته عليهما فرأى طرفة ظلها في الجام الذي في يده فقال (هزج)
ألا (يا) أيها الظبي ... الذي يرق شنفاه
ولولا الملك الق ... د قد ألثمني فاه
سمعه عمرو بن هند فكتب له كتأبا إلى عامله بالبحرين وأوهمه أنه أمر له فيه بجائزة وأمر العامل بقتله فلما ورد على العامل سقاه من الرياح حتى أمله ثم فصد أكحله حتى نزف فمات فقبره هناك مشهور يشرب عنده الأحداث ويصبون فضل كؤوسهم عليه.
وروي رجلاً من طي نزل من شيبأن يقال له المكاء فذبح له الطائي شاة وسقاه من الخمر فلما سكر الطائي قال للشيباني هلم أفاخرك أطيء أكرم أم شيبان؟ فقال له الشيباني: حديث حسن المدامة ومنادمة كريمة أحب إلينا من الفخار. فقال الطائي: لا والله ما مد رجل يداً أطول من يدي! ومد يده. فقال له الشيباني: أما والله لئن أعدتها لأخضبنها من كوعها! فأعاد فضربه الشيباني فقتله أبو زبيد في ذلك لبني شيبان (خفيف)
خبرتنا الركبان أن قد فخرتم ... أفرحتم بضربة المكاء
ولعمري لعارها كان أدنى ... لكم من تقى وحق وفاء
ظل ضيفاً أخوكم لأخينا ... في صبوح ونعمة وشواء
ثم لما رآه به الخم ... ر إلا تربية باتقاء
لم يهب حرمة النديم وحفت ... يا لقوم بالسوأة السواء