ونصارى الفرس لم يعيروا الإفرنج لفظة واحدة دينية لتكون هذه اللفظة الثانية. أما كابلا فمشتقة من الحبرية أو الغفارة ويراد بها ثوب يشتمل به الكاهنة كالرداء عند القيام بشعائر الدين والظاهر أن اسم الكابلا وهي المصلى مأخوذ عند الإفرنج من غفارة أو حبرية وضعت في مصلى وتلك الحبرية كانت لأحد القديسين بمنزلة الذخيرة فسمي المصلى بها. هذا الذي ذهب إليه لتره وهو أرجح من كلام مكاتب تلك المجلة.
أما أن كابلا لا يراد به المسجد ولاسيما كعبة نجرأن فلأن المصلى أو الكابلا لا يكون فيه إلا مذبح واحد وأكثر ما يكون لأهل بيت أو قصر خاص. ولا يمكن أن يقال فيه القداس إلا بأذن أسقف الأبرشية والكعبة معبد عام. وتفسير كار بلا بالعمل الصلوي غريب فلفظة كار فارسية ومعناها العمل أو الشغل وبالا يعني لأعلى فيكون محصل المعنى: العمل الأعلىلا العمل الصلوي.
أما كون كار بلا مشهد النبي المذكور في التوراة في سفر ص14: 8 فالذكور في هذا الموطن أن هناك كانت نساء جالسات يبكين على تموز ولم يقل صاحب السفر الكريم أنه نبي. والمشهور عن تموز أنه من معبودات أفينيقية وكأن يسمى أيضاً أدو نيس ومن الأخبار الشائعة عنه أنه قتل وهو شاب في قرية غينية من الأصقاع المذكورة فناحت عليه أمه الزهرة أو عشتا روت. وهذه هي خرافة لا حقيقة لها وإنما كانوا يرمزون بها إلى الشمس وتقابلتها من حالة النور إلى الظلام في بعض فصول السنة. فكانوا إذا قدم الخريف يحتفلون بأعياد يدعونها جنازة تموز. فقول الكاتب أن تموز ولد في مدينة الأهواز فليس له من الحقيقة أدنى نصيب وأما أنه قتل هو وبنوه وأنصاره في كربلاء فحديث خرافة لا ذكر له في تواريخ الشرق. والمكاتب لم يذكر اسم هذه التواريخ ولا أصحابها الذين نطقوا بها.
وأما قوله: (وأتباعه قليلون اليوم. . . واسمهم اليوم الصابئون). فليس لهذا المعبود أتباع في بلاد العراق. والمتعبدون له كانوا في فينيقية لا غير. وحكاية قتلة موضوعه فكيف يقال بعد هذا أنه دفن هو وأتباعه في كربلاء. والصابئون لا يعبدون تموز قط. وهم لا يوجدون في سوق الشيوخ (لا سوك شيخ) ولا في البصرة بل كانوا هناك في سابق الزمان وهم الأن في الناصرية والعمارة وما جاورهما مكن القرى الصغيرة. والصابئون لا يترددون إلى كربلاء أبداً ولا يبكون أحداً في مواطنهم.