مجله الرساله (صفحة 9833)

البوير من جهة أخرى بزعامة رئيسهم الشهير (كروجر) يناوئون كثيرا من مشاريعها الاستعمارية، ويقاومون تدخلها بشدة؛ وأخيرا لم تر إنكلترا بدا من إعلان الحرب لتحقيق غايتها، فاضطرمت الحرب بينها وبين البوير (أكتوبر سنة 1899) وأبدى البوير بسالة عظيمة، واستطال دفاعهم زهاء ثلاثة أعوام؛ وأخيرا اضطروا إلى الاعتراف بسيادة إنكلترا ولكنهم احتفظوا باستقلالهم الداخلي، ونالوا من إنكلترا تعويضا ضخما عما أصابهم من التخريب والخسائر، وكبدت هذه الحرب الشهيرة إنكلترا خسائر فادحة في المال والرجال، ولكنها استطاعت أخيرا أن تحقق مشروعها في توحيد إمبراطوريتها في جنوب إفريقية

وفي أواخر القرن التاسع عشر اشتدت المنافسة بين الدول الاستعمارية ولا سيما بين ألمانيا وإنكلترا من جهة، وبينها وبين فرنسا من جهة أخرى. وانتهت إنكلترا وألمانيا أخيرا إلى التفاهم وعقدتا في سنة 1890 معاهدة لتخطيط الحدود بين أملاكهما في إفريقية. وعقدت بين إنكلترا وفرنسا في سنة 1898 معاهدة لتحديد أملاكهما في حوض النيجر وغرب إفريقية، ثم عقدت بينهما معاهدة أخرى في سنة 1899 على أثر حادثة فاشودة المشهورة وفيها تنازلت فرنسا عن دعاويها في أعالي النيل؛ وأخيرا عقد (الاتفاق الوادي) بين الدولتين في سنة 1904، وفيه تعهدت فرنسا بأن تطلق يد إنكلترا في مصر وألا تناوئ سياستها فيها؛ وتعهدت إنكلترا من جانبها أن تطلق يد فرنسا في مراكش وألا تناوئ سياستها فيها

وثارت بين ألمانيا وفرنسا من أجل مراكش خصومة مضطرمة كادت أن تنفجر غير مرة؛ وكانت فرنسا تحرص على أن تضم مراكش إلى إمبراطوريتها الإفريقية، وتحرص ألمانيا من جانبها على أن تضع في سبيل فرنسا كل عقبة ممكنة؛ وفي سنة 1905، زار الإمبراطور ولهلم الثاني ثغر طنجة وألقى خطابا رنانا حمل فيه على السياسة الفرنسية؛ واضطرت فرنسا أن تقبل بحث المسألة المراكشية في مؤتمر دولي؛ وعقد المؤتمر في الجزيرة (بأسبانيا) سنة 1906 من الدول الكبرى؛ وأصدر قرارا بإعلان استقلال السلطان، ووجوب المحافظة على وحدة الأراضي المراكشية، مع الاعتراف بحقوق إسبانيا وفرنسا ومصالحهما الخاصة في هذه المنطقة. ولم تغنم ألمانيا شيئا. وفي سنة 1911 جردت فرنسا حملة على فاس، وانتهزت ألمانيا هذه الفرصة فأرسلت سفينة حربية إلى أغادير، ووقعت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015