مجله الرساله (صفحة 9669)

كأن الشمس طالعة من بين رأسها وكتفيها؛ فاستأذن عليها في مجلس غنائها الصيرفي الملقب بالماجن، فلما أذنت له دخل فأقعى بين يديها، ثم أدخل يده في ثوبه فأخرج لؤلؤتين وقال: انظري يا زرقاء جعلت فداك، ثم حلف إنه نقد فيهما بالأمس أربعين ألف درهم. قالت: فما أصنع بذاك؟ قال: أردت أن تعلمي

ثم غنت صوتاً وقالت: يا ماجن هبهما لي ويحك. قال: إن شئت والله فعلت؛ قالت: قد شئت. قال: واليمين التي حلفت بها لازمة لي إن أخذتهما إلا بشفتيك من شفتي. . . .

قال الراوي: ورأيتها قد أذنت لي وأنصتت لكلامي وكأنما كانت تسمعني أعتذر إليها، واستيقنت أن ليس بي إلا الحزن عليها والرثاء لها، فبدت أشد حياءً من العذراء في أيام الخدر. . . . . .

ثم قالت: نعم كان ذلك الزمن سفيهاً ولكنها سفاهة فن لا سفاهة عربدةٍ وتصعلك كما هي اليوم

فنظرت إلي نظرةً لن أنساها؛ نظرة كأنها تدمع، نظرة تقول بها: ألست إنسانة؟ فلم أملك أن قلت لها: تعالي تعالي

وجاءت أحلى من الأمل المعترض سنحت به الفرصة، ولكن ماذا قلت لها وماذا قالت؟. . . .

(لها بقية)

مصطفى صادق الرافعي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015