للأستاذ عبد المتعال الصعيدي
نعود إلى الكتابة في هذا الموضوع مقتنعين بعد مراجعات طويلة بصحة رأينا أن الأنتكيرة في النص الذي نقلناه عن لسان الدين بن الخطيب في كتابة (الإحاطة) هب انكلتيرة وهي بالقاف بدل الكاف (انتقيرة) اسم مدينة ذكرها ياقوت في معجمه، فقال إنها حصن بين مالقة وغرناطة. ومنها أبو بكر يحيى بن محمد بن يحي الأنصاري الحكيم الانتقيري من أصحاب غانم، روي عنه إبراهيم بن عبد القادر بن شنيع إنشادات قال: كنا مع العجوز الشاعرة المعروفة بابنة ابن السكان المالقية، فمر علينا غراب طائر فسألناها أن تصفه فقالت على البديهة:
ملا غراب بنا ... يمسح وجه الربى
قلتُ له مرحباً ... يا لون شعر الصبا
وقد ذكر القلقشندي في صبح الأعشى (ص 269 ج5) الحادثة التي ذكرها لسان الدين بن الخطيب، فقال إنه لما هلك الهُنْشة بن بطرة سنة 751هـ في الطاعون الجارف ولي ابنه بطرة، وفر ابنه القمط إلى بَرْشَلونة، فاستجاش صاحبها على أخيه بطرة فأجابه، وزحف إليه بطرة فاستولى على كثير من بلاده، ثم كان الغلب لقمط سنة 768هـ، واستولى على بلاد قشتالة، وزحفت إليهم أمم النصرانية، ولحق بطرة بأمم الفرنج الذين وراء قشتالة في الجوف بجهة الليمانية وبرطانية إلى ساحل البحر الأخضر وجزائره، فزوج بنته من أبن ملكهم الأعظم المعروف بالبنس غالس وأمده بأمم لا تحصى، فملك قشتالة والقرنتيرة، واتصلت الحرب بعد ذلك بين بطرة وأخيه القمط، إلى أن غلبة القمط وقتله سنة 772هـ واستولى القمط على ملك بني أدفونس أجمع، واستقام له أمر قشتالة، ونازعه البنس غالس مالك الإفرنجة بابنه الذي هو من بنت بطرة، وطلب له الملك على عادتهم في تمليك ابن البت، واتصلت الحرب بينهما، وشغله ذلك عن المسلمين، فامتنعوا عن أداء الإتاوة التي كانوا يؤدونها إلى من كان قبله، وهلك القمط سنة 781هـ
وهذا النص الذي ذكره القلقشندي فيه ما يمكن به الاهتداء في أمر أمة الأنتكيرة التي وصفها لسان الدين بن الخطيب، ولكن فيه غموضاً في سرد تلك الحوادث لبعدها عن