مجله الرساله (صفحة 65518)

3 - تركيا

للأستاذ أبو الفتوح عطيفة

مؤتمر برلين 1878

لا أستطيع أن أتحدث عن تركيا دون أن أشير إلى أهمية مؤتمر برلين وأثره في تاريخ تركيا وفي السياسية الدولية العالمية فإن هذا المؤتمر يعتبر مفترق الطرق في السياسة الأوربية الحديثة بل وفي السياسة العالمية.

وقبل أن أتحدث عن هذا المؤتمر يحسن بي أن اصف الظروف الدولية التي أدت إلى انعقاده.

في 1875 قامت الثورة ضد الحكم التركي ومظالمه في ولايتي البوسنة والهرسك، وسرعان ما اشتعلت نيران الثورة في جميع أنحاء البلقان في بلغاريا وفي الصرب وفي الجبل الأسود وفي رومانيا، وقام القتال بين الأتراك وبين شعوب البلقان.

وإذا عطست شعوب البلقان اضطربت أوربا فإن شبه الجزيرة هذه تعتبر مخزون البارود في أوربا، ولذا سرعان ما تدخلت الدول: تقدم الكونت اندراس وزير النمسا باقتراحات لإنهاء الثورة قبلها السلطان ورفضها الثوار، وعقدت الدول مؤتمر القسطنطينية 1877 لحل المشكلة، ولكن السلطان فاجأ الدول فأعلن الدستور وبمقتضاه اصبح أمر الحاكم متروكا للشعوب، وأعلن أن الدول بمقتضى معاهدة باريس 1856 لا يحق لها أن تتدخل في شؤون تركيا الداخلية، وانقض المؤتمر ولكن الثورة زادت اشتعالاً.

وأخيراً جاءت روسيا لمساعدة شعوب البلقان ولتحقيق مآربها، فأعلنت الحرب على تركيا 1877 وتقدمت جيوشها حتى وقفت على أبواب القسطنطينية في يناير 1887، وحينئذ طلب السلطان الصلح وأمرت إنجلترا أسطولها في الوقت نفسه بالتقدم إلى مياه القسطنطينية وبضرب الروس إذا حدثتهم أنفسهم بدخول القسطنطينية.

وأمام الهزيمة اضطر السلطان أن يقبل ما عرضته عليه روسيا وأن يوقع معاهدة سان ستفانو في مارس 1878 وبمقتضى هذه المعاهدة تقرر أن تستقل رومانيا الصرب والجبل الأسود استقلالا تاما وأن تمنح البوسنة والهرسك استقلالاً إدارياً وأن تأخذ روسيا باطوم وقارص وإرزن وأن تنشأ بلغاريا العظمى التي كانت حدودها تمتد من البحر الأسود إلى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015