مجله الرساله (صفحة 6538)

البريد الأدبي

رسائل لم تنشر

من نابليون إلى ماري لويز

عرض أخيراً للبيع في أحد أبهاء التحف بلندن، مجموعة كبيرة من رسائل الإمبراطور نابليون بونابرت إلى زوجه الإمبراطورة ماري لويز النمسوية؛ وتبلغ هذه الرسائل التي كتبت جميعها بخط الإمبراطور، ووقعت بإمضائه ثلاثمائة رسالة، تشمل تاريخ أربعة أعوام كاملة من حياة الإمبراطور، أعني من سنة 1810 إلى سنة 1814، وقد كتب معظمها في أوراق مذكرات صغيرة، وأرسلت من مختلف أنحاء القارة التي يجوبها الإمبراطور أو يعسكر فيها بجيشه إلى الإمبراطورة الصغيرة التي شغفته حباً، والتي جاءت له بأول ولد يعلق عليه آمال الإمبراطورية. وتبدأ برسالة كتبها الإمبراطور في فبراير سنة 1810 يطلب فيها يد ماري لويز، وفيها يخاطبها بلهجة رسمية وبذات الجلالة؛ ثم تتدرج الرسائل بعد ذلك في البساطة وعدم الكلفة، فيخاطبها الإمبراطور بلهجة الحب الوثيق، وتغدو ماري بعد أن غدت إمبراطورة فرنسا، (حبيبتي، عزيزتي. . .) ويكتب إليها الإمبراطور في مختلف الشئون الشخصية والمنزلية؛ ويغدق عليها نصحه، سواء فيما يتعلق بصحتها أو نزهتها، أو علائقها بسيدات البلاط وسادته. وأشد هذه الرسائل سحراً وتأثيراً، ما تعلق منها (بالملك الصغير) ولد الإمبراطور وماري لويزا، والسؤال عن صحته ورجاء تقبيله وعناقه.

وتوضح هذه الرسائل تاريخ الإمبراطورية في مراحل متعاقبة، فالأولى مرحلة الزواج والتحالف بين النمسا وفرنسا، ورحلة الإمبراطور والإمبراطورة إلى انفرس وفلسنج، ثم قضاء شهر العسل في تريانون (صيف سنة 1810). وكان الإمبراطور يومئذ في أوج قوته وظفره، يحكم على معظم ممالك القارة، ويحكم في رومه ومدريد، ويشدد الحصار على إنكلترا ويهددها؛ والمرحلة الثانية هي مرحلة الغزوات الثانية في بولونيا وروسيا ثم موسكو في صيف سنة 1812؛ وهنا نجد رسائل كتبت عن معركة بورودينو، والزحف على روسيا، ثم حريق موسكو ثم، الارتداد المروع عن هاتيك السهول الثلجية؛ والمرحلة الثالثة حينما تتحد الدول على نابليون؛ وهنا يكتب نابليون إلى ماري لويز أن تنضح إلى والدها (الأب فرانسوا) إمبراطور النمسا بألا يتحد مع هذه الدول، وألا يصغي إلى تحريض

طور بواسطة نورين ميديا © 2015