مجله الرساله (صفحة 64812)

بذلك مركزها التجاري العظيم.

وكان جمرك الإسكندرية في يد مراد بك. . يولي عليه من يشاء. . ويعزل من يشاء. . نظير إيراد معلوم.

فلما كبر السيد محمد كريم، ونما عوده، اشتغل قبانيا وكان مشهورا بالصدق والأمانة، والنشاط وخفة الحركة. . ولذلك سرعان ما عرف اسمه. . وذاع صيته. . حتى سمع به مراد بك. . حاكم مصر. . . وزعيم طائفة من أكبر طوائف المماليك. . فعينه مديراً للجمارك. . ثم حاكما عاما لمدينة الإسكندرية. . وقد استطاع السيد محمد كريم - بعد أن تسلم مهام منصبه الجديد - أن يحكم البلاد بحكمة وحزم. . وأن يعامل الأهالي معاملة طيبة. . ولذلك احترمه الناس وأحبوه.

وفي شهر يونيه سنة 1798م. . وصلت الأخبار إلى أهالي الإسكندرية. . بأن حملة أوربية تعتزم احتلال مصر.

وكان المصريون في ذلك الوقت. . لا يزالون يحملون في أنفسهم تلك العقيدة المتوارثة عن عظمة السلطان. . وقوة المسلمين.

ولذلك عقدوا العزم على محاربة الجيش الأجنبي، والوقوف في وجهه. . مهما بلغت قوته.

ومن سوء الحظ أن وصل الأسطول الإنجليزي الذي كان يتعقب الفرنسيين - إلى ميناء الإسكندرية قبل وصول الحملة بأيام. . وحاول نلسن قائد الأسطول البقاء في مياه الإسكندرية في انتظار الحملة الفرنسية. . وعرض على السيد محمد كريم أن يسمح بإمدادهم بالماء والمؤونة اللازمة لمقامهم. . لكن الحاكم رفض طلبه. قال الأستاذ عبد الرحمن الرافعي:

(ولعل السبب في رفضه أنه أساء الظن في مقاصد الأميرال نلسن لأن الإشاعات التي كان الناس يخوضون فيها ذلك الحين، تنبئ أن (الإفرنج) يعتزمون احتلال مصر. . وكلمة (إفرنج) كانت تتناول الفرنسيين والأوربيين على السواء. . فخشي أن يكون طلب الأميرال نلسن خدعة لها صلة بالحملة المقبلة).

ولم يكتف السيد محمد كريم بالرفض، وإنما أعطاهم مهلة قصيرة لكي يبرحوا المياه المصرية، وإلا أطلق عليهم النيران.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015