مجله الرساله (صفحة 64630)

في عام 1951 بسبب تأخر بعض الدول عن الإجابة على الأسئلة التي وجهتها اللجنة إليها عن مدى انطباق التشريعات المعمول بها في تلك الدول على مبادئ حقوق الإنسان. ثم عادت اللجنة فعقدت دورة أخرى هذه السنة في المقر الدائم لهيئة الأمم هنا في نيويورك استغرقت تسعة أسابيع من 14 إبريل إلى 13 يونيو وترأس هذه الدورة الدكتور شارل مالك رئيس الوفد اللبناني الدائم لدى هيئة الأمم. وقد سبق للمسز روزفلت عقيلة رئيس الجمهورية الأمريكية الأسبق أن ترأست عددا من الدورات السابقة.

وفي خلال هذه السنوات التي انقضت على تألف لجنة حقوق الإنسان في عام 1947 ألم بالعلاقات الدولية من التوتر ما أتاح لجنون السياسة وشذوذها أن ينافس الاتزان والمثالية التي كان المفروض في اللجنة وأعضائها أن يهتدوا بها في اجتهادهم لصياغتهم لميثاق حقوق الإنسان كمعاهدة عالمية تتقيد بها الدول مترفعة عن المؤثرات والأهواء والنزعات السياسية ومتقيدة بالمثل الفكرية والوعي الثقافي واليقظة العاطفية التي تسود المجتمع المعاصر في عالم مرت به في الأزمنة الحديثة ألوان من التطور والتجارب ما أرهق احساسات الفرد وأذكى وعيه وفرض على الدولة نهجا في السلوك واجب في تهاد التشريع يتناسب مع يقظة هذا الشعور وشدة هذا الوعي.

ولذلك فقد سيطرت على جو اجتماعات لجنة حقوق الإنسان في دورتها الأخيرة اعتبارات سياسية زادت من شدة التباين بين الثقافات والنظم التي يمثلها أعضاء اللجنة.

فأصر المندوبون الروس وزملاؤهم من الدول التي تؤمن بالناظم الماركسي على ضرورة توكيد الحقوق الاقتصادية للفرد في الميثاق الدولي الذي تشغل به اللجنة توكيدا مفضلا على التوكيدات الأخرى؛ لأن العنصر الاقتصادي في رأيهم هو المهيمن على سلوك الفرد إزاء الدولة والمجتمع؛ وعلى اجتهاد الدولة والمجتمع في مجاراة هذا السلوك، ولم يأخذ المندوبون الأمريكان وحلفاؤهم - وهم كثرة بين أعضاء الأمم المتحدة - بهذا التفسير الماركسي، وأخذوا يشرحون - في كلام كثير وفي مقترحات عديدة وتعديلات متلاحقة - بأن الديمقراطية الحقة كما يفهمها الأمريكان ويمارسونها في أنظمتهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية هي الضمان الوحيد لحقوق الإنسان وتنظيم علاقاته مع الدولة ومع إخوانه في الإنسانية. ومن ثم كان المنطق الأمريكي في النقاش وفي المقترحات والتعديلات التي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015