لو رامها مبتكر غيره ... قالت قوافيها له الكل: لا
ولقيت هذه القصيدة عناية كبرى من الشراح الذين حلوا رموزها، ووضحوا مراميها. وأول من شرحها تلميذه أبو الحسن السخاوي المتوفى سنة 643هـ، وقد قرأ القصيدة على أستاذه، وسمي شرحه: فتح الوصيد، في شرح القصيد. وشرحها أبو شامة المقدسي المتوفى سنة 656هشرحا سماه إبراز المعاني. قال في كشف الظنون، وهو تأليف متوسط لا بأس به، ثم أختصره في كتاب سماه إحراز المعاني (بدار الكتب رقم 34 قراءات) وشرحها غير هذين الرجلين شروحا كثيرة تجدها في كشف الظنون، أفضلها وأدقها شرح برهان الدين الجمبري المتوفى سنة 732هـ، وأسمه كنز المعاني (بدار الكتب برقم 149 قراءات).
وقام باختصار هذه القصيدة جمال الدين بن مالك النحوي المتوفى سنة 672هـ في قصيدة سماها: حوز المعاني في اختصار حرز الأماني؛ والمختصرة من بحر الشاطبية وقافيتها. كما قام بإكمالها أحمد بن علي المحلى الضرير شيخ القراء بالقاهرة المتوفى سنة 672هـ وكان الشاطبي نفسه قد أتمها من قبل في قصيدة سماها تتمة الحزر من قراء أئمة الكنز، وهي في رواة القراءات السبعة.
وقد ساعد الشاطبي في رموزه وإشاراته ذهن يحب الإلغاز ويميل إليه، قالوا: إنه كان كثيرا ما ينشد هذا اللغز، وهو للخطيب الحصكفي في نعش الموتى:
أتعرف شيئا في السماء نظيره ... إذا سار صاح الناس حيث يسير
فتلقاه مركوبا، وتلقاه راكبا ... وكل أمير يعتليه أسير
يحض على التقوى، ويكره قربه ... وتنفر منه النفس وهو نذير
ولم يستزر عن رغبة في زيارة ... ولكن على رغم المزور يزور
وقد ألف الشاطبي قصيدته حرز الأماني بالقاهرة، وعرفنا أن مصدرها كتب أبي عمرو الداني التي درسها القاسم بن فيره. أما الرموز والإشارات التي بها فمن بنات أفكاره.
ونظم في القاهرة أيضا قصيدته الراثية في فن الرسم، وهي نظم لكتاب آخر في هذا الفن لأبي عمرو الداني، قال ابن خلدون: وربما أضيف إلى فن الرسم أيضا، وهي أوضاع حروف القرآن في المصحف ورسومه الخطية لأن فيه حروفا كثيرة وقع رسمها على غير المعروف من قياس الخط، كزيادة الياء في (بأبيد)، وزيادة الألف في (لا أذبحه) و (لا