مجله الرساله (صفحة 62354)

وأحوالها المادية والأدبية

2 - تريد مصر أن تكون حكومتها دستورية

وفي 7 فبراير 1919 أعلن سعد زغلول باشا في خطبة له في دار جمعية الاقتصاد والتشريع بطلان الحماية قانونا حيث قال:

(إن بلادنا لها استقلال ذاتي ضمنته معاهدة لندن 1840 واعترفت به جميع المعاهدات الدولية الأخرى. . إنكم تعلمون أيها السادة وكل علماء القانون الدولي يقررون أن الحماية لا تنتج إلا من عقد بين أمتين، تطلب إحداهما أن تكون تحت رعاية الأخرى، وتقبل الأخرى تحمل أعباء هذه الحماية، فهي نتيجة عقد ذي طرفين موجب وقابل، ولم يحصل من مصر ولن يحصل منها أصلا

في 1914 أعلنت إنجلترا حمايتها من تلقاء نفسها بدون أن تطلبها أو تقبلها الأمة المصرية، فهي حماية باطلة لا وجود لها قانونا. بل هي ضرورة من ضرورات الحرب تنتهي بنهايتها ولا يمكن أن تعيش بعد الحرب دقيقة واحدة.)

وهكذا كانت الحماية العامل الرئيسي في قيام ثورة 1919 وقد نجحت مصر في إلغائها 1922 وإعلان استقلالها ثم انتهى الأمر بقيام معاهدة 1936 بين مصر وإنجلترا. ربما كانت هناك ضرورات أدت إلى توقيع هذه المعاهدة 1936 ولكن الواقع أن هذه المعاهدة كانت كارثة على مصر فإنها لم تحقق للنيل وحدته بل أكثر من هذا أنها اعترفت بشرعية الاحتلال. وقد وقفت مصر بجانب بريطانيا أثناء الحرب العالمية الثانية وانتهى الأمر بانتصار بريطانيا فعملت مصر على مفاوضة بريطانيا لتعديل هذه المعاهدة على أساس تحقيق أهداف مصر وهي الجلاء الناجز عن الوادي وتوحيد مصر والسودان تحت تاج واحد، ولكن ذهبت جهود المفاوضين المصريين عبثا، واضطرت مصر إلى إلغاء هذه المعاهدة وإلغاء اتفاقيتي السودان 1899 ثم وضع نظام دستوري لحكم السودان وقيام دولة اتحادية من مصر والسودان وأصبح جلالة الملك فاروق ملكا لهذه الدولة وأصبح لقبه ملك مصر والسودان

ومما يجدر ذكره أنه كما كانت الحماية باطلة قانونا فإن معاهدة 1936 بدورها باطلة قانونا، وقد سجل ذلك المستر أوبنهايم أستاذ القانون الدولي بجامعة كامبردج في مؤلفه العالمي عن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015