مصر، ومنع مصر من الوقوع في يد دولة أجنبية معادية. وطبقا لهذه السياسة وقفت موقفا عدائيا ضد محمد علي سنة 1839 - 1841 وألزمته أن يقبع في داخل (قوقعته) مصر على حد تعبير وزير خارجيتها بلمرستون
وقد قامت المنافسة بين فرنسا وبريطانيا حول الاستئثار بالنفوذ في مصر، وجعلت فرنسا تعمل دائما على حفر قناة السويس لتصل الشرق بالغرب مما يجعلها أقرب إلى الشرق، أما بريطانيا فقد عملت على إنشاء خط حديدي بين الإسكندرية والسويس
وقد نجحت إنجلترا في تحقيق غايتها في عصر عباس باشا الأول؛ إذ بدئ بتنفيذ مشروعها فأنشئ الخط الحديدي بين القاهرة والإسكندرية، ثم أنشئ بعد ذلك الخط الحديدي بين القاهرة والسويس
أما فرنسا فلم تيئس بعد، وبرغم أن محمد علي رفض مشروع القناة قائلا (إنني لا أريد أن أجعل من قنال السويس بسفورا آخر) استطاعت فرنسا أن تقنع سعيد باشا بفوائد المشروع، وحصلت منه على امتياز بحفره، وبدأ العمل 1858. قلقت إنجلترا على مصالحها في الهند، وصرح رئيس وزرائها بلمرستون 1860 قائلا: (أخشى أن يؤدي حفر قناة السويس إلى احتلال إنجلترا لمصر) ومات بلمرستون ولكن إنجلترا ظلت تعمل دائبة على تحقيق فكرته. وفي 1882 دون أي اعتداء من ناحية مصر احتلت إنجلترا الأراضي المصرية ثم أعلن وزراؤها منذ الساعة الأولى عزمهم على الجلاء عن مصر فوراً، ومع ذلك فحتى هذه الساعة لم تبر إنجلترا بوعدها، وما تزال تماطل في الجلاء بل وتدعي صداقتها لمصر!!
ولم يقبل المصريون هذا الاحتلال وقاوموه منذ الساعة الأولى، وكان أول أبطال مصر الذين حملوا علم الجهاد مصطفى كامل باشا. ثم في 1919 هبت مصر ثائرة تطالب بحريتها واستقلالها، ووقف المصريون صفا واحدا يبذلون دماءهم في سبيل استقلالهم، وتزعم الحركة سعد زغلول باشا وعبد العزيز فهمي باشا وعلي شعراوي باشا
ولكن مصر على رغم إيمانها العميق بعدالة قضيتها لم تستطع حتى الآن تحقيق أهدافها، وهي الجلاء ووحدة وادي النيل التي أقامها محمد علي منذ 1830. ويرجع ذلك إلى دهاء ساسة بريطانيا مما مكن لهم من إيقاع الفرقة في صفوف زعماء مصر ونجاح بريطانيا في تحقيق سياسة (فرق تسد)