مجله الرساله (صفحة 60979)

وترقب الناس هبوب عاصفة حرب عالمية، حتى عاودت رسل روح أجداده فأندفع إلى المشاركة في شؤون السياسة، ولم يستطع أن يستمر هادئاً في برجه العاجي بعد الآن وهو يرى بعيني رأسه شباب أوربا يجمع ليساق إلى المجزرة فرمي بنفسه بين عجاج المعركة، ووقف وحده في الميدان - إلا من عدة أنصار قليلين - ينادى بكل قوته أن قفوا هذه الوحشية والبربرية، ولا تشعلوا نار الحرب، وحمل رسل لواء الحرب ضد الحرب.

وفي تلك الأثناء ضاقت به الحكومة وغرمته مائة جنيه لأنه كان قد كتب كتيباً يصف فيه المسيحي الأول ذا الضمير الحي الذي يعارض المسيحية، ولم يكن رسل يملك ما يؤدي به هذه الغرامة، فبيعت مكتبته وفاء لهذا الدين، واشتراها أحد الأصدقاء، ولكن قد فقدت كتب قيمة من بين ما كانت تحويه مكتبته من رائع المؤلفات. وكانت الطامة الكبرى حين منعته كليته من أن يحاضر بها، ولكن جامعة هارفارد بعثت إليه تطلبه، بيد أن الحكومة البريطانية رفضت أن تعطيه تصريحاً بالسفر، فما كان منه إلا أن عزم على أن يلقي سلسلة من المحاضرات العامة وقد نشرت بعد ذلك تحت عنوات مثل سياسية سنة 1918 ولكن السلطات الحربية منعته من إلقاء محاضرته. وفي سنة 1918 حكم عليه بالسجن ستة أشهر لأنه كان قد كتب مقالة في السياسة، وفي السجن كتب كتابه القيم (مقدمة إلى الفلسفة الرياضية).

وقد نظم له بعض الأصدقاء اكتتاباً لإلقاء محاضرات في لندن، وكان نتيجة لهذه المحاضرات كتابه (تحليل العقل) سنة1921 وفي سنة1920 كتب كتابه عن البلشفية بعد أن زار روسيا زيارة قصيرة.

وفي خريف سنة1920 ذهب رسل إلى الصين محاضراً في جامعة بكين في الفلسفة، وفي الربيع أصيب بذات الرئة وأستمر ثلاثة أسابيع في سياق الموت حتى أن جرائد يابانية متسرعة أعلنت نبأ وفاته، وكلن عناية الأطباء الألمان المتصلة أنقذت حياته من بعد موت محقق، وحينما عاد في سنة 1921 تزوج زوجته الثانية (دور بلاك) وظلا يعيشان معاً ست سنوات في منزل صغير في أشهر الشتاء في ولم تكن هناك من سبيل إلى كسب عيشه إلا الصحافة وإلقاء المحاضرات، وكتابة الكتب الشعبية مثل (ألف باء الذرة) 1923 و (ألف باء النسبية 1925 وفي (التربية) 1926. أما أشهر الصيف التي كان يقضيها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015