مجله الرساله (صفحة 60750)

فقررت منحه عضويتها، وأصبح في نفس الوقت أحد أمناء مجلسها العلمي.

السفر إلى الشرق:

كان في قمة النجاح عام 1912، وكان ذلك النجاح يبشر بمستقبل باهر عظيم، ولكنه وهو في رأس تلك القمة، استمع إلى نداء يدوي في أعماق شعوره، فلبى النداء، وأشاح بوجهه عن الذهب الذي كان يتساقط على أقدام مجده في بلاد الهند، وأقبل على طريق مملوء بالأشواك وعلى مستقبل غامض لليقصر ما بقي له من تلك الحياة على خدمة الإسلام. ولكي يستطيع القيام بذلك على أحسن وجه اختار طريقا موحشا لا أنيس فيه، فبدلا من البقاء بين مواطنيه، قرر أن يغترب مدافعا عن قضية الإسلام في المكان الذي كان يتلاعب بمقدرات العالم الإسلامي يصرفها كما يريد. . . قرر أن يذهب إلى أوربا واختار مدينة لندن مركزا دائما لذلك النشاط الذي تكاد تطل عليه أطياف عابسة منه من وراء آفاق الغيب.

إن المؤرخين الذين كتبوا عنه بعد وفاته عام 1932، والذين كان ينقصهم التعمق في الدرس ليصلوا إلى الحقائق المجردة من التاريخ، لم يعطوا هذا القرار ما يستحقه من تقدير، ولكننا ونحن في نهاية سنة 1949، وقد حصل كل قطر إسلامي تقريبا على استقلاله السياسي، ولا سيما في الهند، تستطيع أن ندرك خطورة ذلك القرار بإعلان الجهاد عن طريق الدعوة إلى مبادئ الإسلام، وأن نعطيه ما يستحقه من أصالة رأي وعبقرية فذة، ولعله كان إلهاما من الله ليتم على يده المعجزة في بلاد الإنجليز. ولكي ندرك تمام الإدراك أخطر هذا القرار علينا أن نعرف ماذا كان يعني عام 1912 في تاريخ الإسلام والمسلمين.

أفاق العالم الإسلامي مظلمة عام 1912

تعتبر سنة 1912 ابتداء ذلك العصر المظلم في تاريخ الإسلام الذي انتهى عام 1918 بالقضاء على استقلال آخر دولة إسلامية هي تركيا؛ فإن هذه الدولة بعد خسارتها طرابلس آخر أملاكها في أفريقيا سنة 1910، كانت على وشك خسارة مماثلة في أوربا عام 1912 نتيجة مباشرة لحرب البلقان الدامية. فإذا أضفنا إلى ذلك قيام حركة وطنية، في تلك الآونة، أخذت تمكن لنفسها في تركيا، مندفعة وراء مبادئ مخالفة لتعاليم الإسلام، استطاعت هذه التعاليم بعد سنوات عشر أن تبعد تركيا عن زعامة العالم الإسلامي، أدركنا تمام الإدراك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015