مجله الرساله (صفحة 59635)

فإن كان أحد الأبوين فاسد الخلق نشأ النسل أكثر ميلاً إلى الفساد وجرى ذلك في أنسال متعاقبة ينشأ جيلهم إن لم يكن كلهم وقد التوت طرقهم وسقطت مروءتهم وضلت عقولهم. والأمثلة من واقع الحياة وسجل الأطباء كثيرة في ذلك، وأبدأ بإرث الجنين من الأب فأذكر قصة أسرة بأكملها هي أسرة جيوكس في نيويورك (عن كتاب الطب الوقائي لمؤلفه رزينو) بدأت هذه الأسرة برجل كانت مهنته صيد السمك وكان شريراً فاسد الأخلاق نزاعاً إلى الشر كسولاً في عمله وقد ولد سنة 1720 وقد رزق خمس بنات فتزوجت هذه الفتيات فأتين في ستة أنسال متعاقبة بحوالي 1200 شخص وقد عرف تاريخ 540 شخصاً منهم تمام المعرفة وعرف عن 500 آخرين جزء من تاريخهم وكان سجل هذه الأسرة أن 300 ماتوا في سن الطفولة و310 التزموا مهنة التسول و400 رجال ونساء فاسدات وأكثر من نصف النساء عاهرات و130 حذقوا أساليب الإجرام و60 لصاً اعتادوا الإجرام. ولم يعثر في سجل هذه الأسرة على واحد تعلم في مدرسة أو تخرج في جامعة ولكن وجد فيها 20 شخصاً تعلموا صناعات ولكن أين تعلموها؟ لقد تعلموها بين جدران السجون.

وسبب هذا النسل الفاسد كله رجل واحد فاسد قد لقحت نطفته الفاسدة المرأة فنقلت إلى بويضتها الفساد فورَّث البنات والبنين الشر والخنا المبين.

هذا مثل طبي أوردته كتب الطب وأثبتت كيف ينشأ النسل فاسدا كأبيه. وقد سبق إلى ذلك القرآن فقال (يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء) حتى تأتي شيئاً فريا.

كما أن للجنين إرثا تناسليا من الأم ويصف (بويلمان) حالة أسرة بدأت بفتاتين أنسلتهما امرأة شرير سكير وأعقبا في خمسة أو ستة أنسال 834 منها 107 نغلاً (ولد زنا) و64 في الملاجئ و162 اتخذوا التسول مهنة و164 عاهرات و17 بين قواد وقرنان (لا غيرة له) و76 حكم عليهم بالإعدام والباقون بين لصوص وقتلة.

وهناك أمثلة عديدة لا يتسع المجال لذكرها الآن ولكن قد يسأل سائل لماذا نرى في بعض الأحيان من قد ينحدر مريضاً من أب سليم؟ فالجواب على ذلك أن السبب في مرض الأجداد السابقين كما رأينا أن الخنزير البري الأبيض قد نشأ في ثالث دور من التناسل من أبوين أسودين راجعاً إلى لون جده الأبيض الأول.

فالأب والأم والأجداد ينقشون صفحاتهم في الأولاد، ويورثونهم ما فيهم من عناد، حتى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015