مجله الرساله (صفحة 5730)

ولم يجد الدكتور أي أثر في طبقة الأرض التي وجد بين ثناياها الإنسان القرد، وليس هناك ما قد يلقي لنا ضوءا على مقدار ذكاء هذا النوع وقدرته، إلا أنه يمكننا أن نتكهن بشيء من ذلك من حجم فراغ جمجمته التي استطاع الدكتور دبوا أن يصورها لنا.

فأما من جهة حجم المخ فإن الإنسان القرد أو إنسان جاوة (كما سنسميه) يقع تحت أسفل درجة من درجات المخ الإنساني. فالابورجونيز سكان استراليا يتراوح حجم مخ القرد فيهم من 1300 إلى 1400 سم مكعب، ولو أن هذه النسبة تقل في نسائهم فتصل إلى 1000 سم مكعب أو إلى 930 سم (كما يبالغ السير وليام تيرنر) ولكي نقول إن الرجل أو المرأة يفكر أو يستطيع التفكير يلزمه مخ لا يقل عن 950 سم مكعبا، ولكن أبحاث الدكتور ديبوا دلت على أن حجم مخ إنسان جاوة لم يتجاوز مقدار 900 سم مكعب. برغم أن الأستاذ ج. هـ. ماك جريجوري يرتفع به إلى 940 سم مكعبا. وهكذا نرى أن الإنسان المذكور لم يكن ليستطيع التفكير الصحيح كما نراه أو كما نعقله، إلا أنه قد اقترب وسار على عتبة باب الإنسان الحق بتفكيره وقوته العقلية.

وإذا قارنا إنسان جاوة بالغوريلا وجدنا أن حجم مخ الذكر من هذه القردة يبلغ في المتوسط 520 سم مكعبا، ولو أنه قد يرتفع إلى 650 سم مكعبا أو ينخفض إلى 470 سم مكعبا بينما نجده يرتفع إلى ستة أمثاله عن حجم مخ هذه القردة برغم التشابه العظيم بين شكل سقف جمجمة إنسان جاوة وقرد الجيبون.

إلا أن هذا النوع الإنساني وهو إنسان جاوة إذا قورن بالإنسان الأوروبي الحديث وجد بينهما فرق كبير جدا. إذ أن الأخير يزيد في حجم المخ على الأول بما لا يقل عن 560 سم مكعبا إذا ما قدرنا للأخير متوسطا قدره 1500 سم مكعب.

أما عن حجم مخ إنسان البليوسين فإنه يرتفع كثيرا عن مستوى أكبر أنواع القردة المعروفة، ويصل إلى أسفل درجات الإنسانية، ونصل إلى نفس النتيجة إذا ما قارنا ببين مخ إنسان جاوة والغوريلا، أو مخ امرأة الأبوجيز الأسترالية. وبفحص مخ قرد من القردة لوحظ أن الطبقة الظاهرية منه وهي التي تتصل بالقدرة على السمع والإبصار والحس كاملة التكوين، وأن الطبقة الظاهرية التي تليها وهي التي تتصل بالقدرة على الفهم والتذكر تكاد تكون معدومة التكوين، بينما نجد أنها في إنسان جاوة برغم تناسب أجزائها وأتساعها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015