مجله الرساله (صفحة 56373)

قال ابن الأثير ثم تجددت الفتنة سنة 443 هـ في صفر وعظمت أضعاف ما كانت قديماً فكان الاتفاق المتقدم غير مأمون الانتقاض لما في الصدور من الإحن. ووصف ابن الأثير في الجزء الثامن ص 209 قيام بعض رجال الدولة العباسية من أهل السنة بالانتقام من شيعة الكرخ بإحراق أسواقهم ودورهم بوضع النار في عدة مواضع منها مما أدى إلى احتراق سبعة عشر ألف إنسان وخسارة عظمى في الأموال وهذا من أفظع صور المعارك الطائفية في العصر العباسي الأخير مما مهد إلى انقراض الدولة الإسلامية وذهاب ريحها.

قال ابن الأثير وفي سنة 502 هـ وقع الصلح ببغداد بين السنية والشيعة بعد فتن تكررت بينهم سنين عديدة، ولم يستطع خليفة ولا سلطان أن يصلح بينهم، (بل الصحيح أن الملوك لم يكونوا يريدون الإصلاح، بل كانوا يزيدون النار حطباً على أساس القاعدة: فرق تسد) فترى مما تقدم ما تركه مصرع سيدنا الحسين (ع) من أثر سيئ ظل يدوي صداه في الإعصار الإسلامية! وقد سبب مجازر طائفية دامية أضاعت شوكة الإسلام وشغلت المسلمين بأنفسهم وألقت بأسهم فيما بينهم وأعداؤهم يتربصون بهم الدوائر، ويتحينون الفرص للانقضاض عليهم وتدمير معالم حضارتهم وإلقاء نير العبودية في رقابهم وقد سنحت لهم الفرصة في عهد المستعصم الذي قام جيشه بأفضع مجزرة طائفية في الكرخ إذ قتل ونهب وسبى العلويات بقيادة (أمير الجيش) وأبي بكر ابن المستعصم كما وصف الحادثة ابن الفوطي من أبناء ذلك العصر في كتابه (الحوادث الجامعة والعبر النافعة في المائة السابعة).

وأما في مصر فقد قال المقريزي في (خططه) ج2 ص385 عن عاشوراء كان الفاطميون يتخذونه يوم حزن تتعطل فيه الأسواق ويعمل يفه السماط العظيم المسمى سماط الحزن وقد ذكر عند ذكر المشهد الحسيني فأنظره، وكان يصل إلى الناس منه شيء كثير. فلما زالت الدولة اتخذ الملوك من بني أيوب يوم عاشوراء يوم سرور يوسعون فيه على عيالهم ويتبسطون في المطاعم ويصنع الحلاوات ويتخذون الأواني الجديدة ويكتحلون ويدخلون الحمام جرياً على عادة أهل الشام التي سنها لهم الحجاج في أيام عبد الملك بن مروان ليرغموا بذلك آناف شيعة علي بن أبي طالب كرم الله وجهه الذي يتخذون يوم عاشوراء يوم عزاء وحزن فيه على الحسين بن علي لأنه قتل فيه وقد أدركنا بقايا مما عمله بنو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015