مجله الرساله (صفحة 55315)

أنا 000 والموت!

للأستاذ راجي الراعي

رأيت الموت أمس جاثماً بين القبور يتأمل ما صنعته يداه، ومنجله الدامي إلى جانبه، فجرَّ أني عليه سكونه، وأن المنجل ليس في يده، فأتيته. . . فتفرَّس في، وقلب بين جفنيه، ثم زفر قائلا:

- ما الذي جاء بك! إن ساعتك لم تأت بعد!

- ولماذا تزفر؟

- لأنك لم تقع بعد في يدي!

- ومتى أقع فيها؟

- تقع فيها يوم تبلغ حدك المرسوم، أو يوم تطلبني!

- وهل أنت تُطلب؟ أنني أتخيلك وفي يدك المنجل تطرق الأبواب وتدخل متى شئت!

- لا، لست وقحاً إلى هذا الحد. أنا لمن يبلغ المائة، وهي الحد الأخير الذي أقيم لعمر الإنسان، فإذا بلغه أقبلت عليه وأعدته إلى ترابه، ولا آتيه قبل ذلك إلا إذا دعاني!

- وكيف يدعوك؟

- يأثم ويشذ عن الصراط القويم، ويجن جنونه، فتحترق كبده، ويجف عرقه، ويتضخم قلبه. . .

إن معظم الذين يموتون يقبلون علي قبل أن أقبل عليهم، ويسوقونني إليهم سوقاً الحياة عبء عليهم، وكأنهم يستطيبونني!

- ألم تتعب بعد من الحصاد أيها الموت؟

- وهل تعبت الحيات من زرع بذورها؟

- أليس لك ساعة تموت فيها؟

- الأقوياء الخالدون يميتونني، ثم أبعث في الضعفاء حْيا

- من يشحذ منجلك؟

- حنين التراب إلى بنيه.

- كم بلغ عدد الذين قبضت عليهم حتى اليوم؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015