مجله الرساله (صفحة 55147)

مالتوس ومشاكل السكان في العالم

للأستاذ فؤاد طرزي

لم يثر أي كتاب من الكتب ضجة كالضجة التي أثارها كتاب توماس مالتوس (بحث في نظرية السكان) الذي صدر في سنة 1798 في منتصف فترة النهضة التي تسمى نهضة (الزيادة الكبرى) في مجموع السكان وفي بلاد ازداد عدد سكانها زيادة سريعة لم تدانها أية زيادة من الزيادات التي حصلت في بلدان القارة الأوربية الأخرى. فقبل هذه النهضة بـ150 سنة كان سكان القارة الأوربية يبلغون قرابة الـ 100. 000. 000 نسمة، ولكن بعد النهضة بـ 150 سنة أخرى واجهت شعوب أوربا مشكلة ابتداء حصول نقصان في مجموع السكان. ولكن سنة 1798، عندما أخذ يتضاعف عدد سكان القارة الأوربية الذي يبلغ الـ187. 000. 000 - على الرغم من ارتفاع عدد المهاجرين الذي بلغ 550. 000. 000 - اكتسبت نظرية مالتوس التي سماها نظرية زيادة السكان أهمية مريعة.

ففي عام 1650 كان تعداد سكان العالم يقارب 500. 000. 000، ثم بلغ هذا التعداد في سنة 1940 بليونين، وقد حصل نصف بليون من هذه الزيادة خلال المائة سنة بين 1650 و1750، في حين حصلت زيادة البليون الآخر في السنوات التي تلت ذلك. وبذلك ازداد في 3000 سنة عدد الأوربيين - الذين يدخل فيهم السلالات المتحدرة النقية التي تعيش في الخارج - زيادة تبلغ السبعة أضعاف، وهكذا، ومع مرور الزمن غدت ظاهرة الزيادة - كما كتب لنكزلي دافيس - شبيهة بسلك رفيع يحترق ببطيء وتعثر، إلى أن أدرك الاحتراق نهايته فأنفجر. ولعل أبرز مظهر لظاهرة زيادة السكان في الغرب - وهي الظاهرة التي أطلقنا عليها اسم نهضة (الزيادة الكبرى) في مجموع السكان - تتبدى في ازدياد عدد نفوس الشعوب الناطقة بالإنجليزية. فقد كان تعداد هذه الشعوب يبلغ 5. 500. 000 في عام 1600 فتضاعف إلى 200. 000. 000 في عام 1940. وفي المائة سنة الأخيرة من التاريخ التقويمي ازداد عدد سكان الجزر البريطانية نحو أربعة أضعاف ما كان عليه، وهذا بالإضافة إلى أن أكثر من 17. 500. 000 قد هاجروا من هذه الجزر إلى أمريكا الشمالية ودومنيونات ما وراء البحار.

ويرى العلماء المحدثون أن مالتوس قد وجه نشاطه مبدئياً، في الطبعة الأولى من رسالته،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015