فضلاً عن الثمانين مدرسة التي ذكرنا، وكان فيها قنطرة طولها 800 ذراع وارتفاعها 60 ذراعاً وعرضها 20 ذراعاً، وفيها ثماني عشرة حنية، وتسعة عشر برجاً.
وقد تنافس الخلفاء والأمويون في تعمير هذه المدينة وتزينها وتجميلها، فبنى عبد الرحمن الداخل (القصر الكبير) وجعله مقراً له، وشيد المنصور بن أبي عامر قصر الزهراء سنة 360 على نهر الوادي الكبير، وأنتقل إليه سنة (370هـ) وبنى باقي الملوك والوزراء والعظماء قصوراً كثيرة نذكر منها (الحائر)، الروضة، المعشوق، المبارك، التاج، السرور الخ. .
ولكن أعظم بنايات قرطبة، بل الأندلس كلها، المسجد الجامع، الذي شيده عبد الرحمن الداخل، وكان في الأصل كنيسة فأعجبه موقعها فأخذها من النصارى مقابل أموال وأراض كثيرة.
جامع قرطبة
والواقع أن هذا المسجد آية من آيات الفن العربي، ودليل قاطع على علو كعب العرب في النقش والبناء، وبرهان ساطع على سمو الذوق العربي، والمقدرة الفنية العربية. ولم يكن يضاهيه من المساجد والقصور في ذلك العصر سوى الجامع الأموي بدمشق، وليس من السهل وصف عظمة جامع قرطبة وتصويره للقارئ وصفاً وتصويراً صادقين، بل ليس من السهل على القارئ أن يدرك عظمته إذا ما نظر إلى عدة صور فوتوغرافية عنه، ومع ذلك فنحن باذلون جهدنا في أن نعطيك فكرة عامة عنه:
فطول المسجد 600 قدم وعرضه 250 قدماً وارتفاعه 20 متراً، وفي عرضه الأيمن 38 صحناً، والأيسر 29 صحناً، وفيه 1293 عموداً من الرخام، تيجانها منقوشة بمختلف النقوش الرائعة. (وفيه من جهة الجنوب 19 باباً مبطنة بصفائح من النحاس المتوج (نحاس المدافع)، وأوسطها مرصع بصفائح من الذهب، وبأعلاه ثلاث كرات ذهبية فوقها رمانة من العسجد)
أما الباب العمومي - وهو باب المنارة - فهو من النحاس أيضاً، عرضه 8 م وارتفاعه 20 م، وفي الزاوية القبلية من لمسجد تقوم منارته العظيمة، وهي مربعة الشكل، وطول كل ضلع منها 12 م وارتفاعها 13 م، وتتحلى بتفاحات فضية وذهبية، محيط كل منها نصف