للدكتور فضل أبو بكر
هي داء عضال وشر مستطير، وإحدى ما يسمونه في الزمان الغابر بالأوبئة الثلاثة: الطاعون، والحمى الصفراء، والكولرا، وهي حقاً ثالثة الأثافي لشدة وطأتها ولما تزهقه من أرواح وقد لقبها الغربيون بالوباء الأسيوي نسبة لوجودها في بعض المدن والبلاد الأسيوية كالهند ولا سيما مقاطعة الهندستان والبنغال.
تاريخها:
الهند - كما ذكرنا - وطنها الأول إذ توجد فيها بحالة مستوطنة كامنة وذلك منذ أجيال سحيقة كما جاء ذكرها في المراجع الهندية القديمة المكتوبة باللغة السنسكريتية لغة قدماء الهنود.
هذا ولما كان البرتغاليون من أسبق الأوربيين في فن الملاحة والأسفار كان أطباؤهم ايضاً أول من عني بدراسة الكولرا ووصفها نذكر منهم (جاسبار) و (جوريا) و (جارسيا دي هورتا) سنة 1543.
فتك هذا المرض - في القرن الثامن عشر - فتكاً ذريعاً بالجيوش الفرنسية والإنجليزية. غير أنه لم ينتشر بحالة وبائية إلا في أوائل القرن التاسع عشر. وقسموا هذه الأوبئة - على وجه التقريب - إلى سبعة أقسام بالنسبة إلى تاريخ حدوثها وهي كما يأتي:
الوباء الأول:
من سنة 1817 إلى 1823 بدأ في الزنجبار وجزيرة موريس والهند الصينية الفرنسية والصين واليابان وبلاد الفرس وبغداد.
الوباء الثاني:
من سنة 1826 إلى سنة 1837 أنتقل من الهند إلى الأفغانستان وتركستان وبلاد العجم كما وصل إلى روسيا وبلغاريا ومن ثم إلى بولندا وبروسيا الشرقية، وأمتد لهبة إلى أوربا الوسطى ولم تنج منه أمريكا الشمالية والمكسيك.
الوباء الثالث:
من سنة 1846 إلى سنة 1851 وقد ظل محصوراً في البلاد الأسيوية وشمال أفريقيا ومنها