مجله الرساله (صفحة 4932)

من المسرح الغنائي

1 - سافو

لأوجييه أميل

ترجمة الأستاذ محمود خيرت

مقدمة

ليس الفونس دوديه بمجهول من المشتغلين بالأدب الفرنسي وهو ذلك الكاتب الوجداني الرشيق الأسلوب، السليم الذوق، البارع في وصف الحقيقة، فهو المنبع الصافي، والسهل الممتنع، يأخذك خلال ما يكتب، ويسحرك بيان ما يصور، فلا يلبث أن يشد أعصابك شدا، ويجري دموعك سيولاً، ويلهب مشاعرك إلهابا وأنت ذاهل تشارك بالرغم منك أشخاص قصصه ما يوزعه عليهم من مختلف العواطف المضطربة المتباينة.

وسافو إحدى آياته الكبرى التي جمع فيها بين الشهوة الثائرة، وعاطفة الأمومة الطاهرة، ظهرت في سنة 1884 وهو في الرابعة والأربعين من عمره (لأنه ولد سنة 1840) وقد امتلأ تجربة وخبرة، وشبع شهرة وصيتا، فكانت من القصص الخالدة، حتى إن قطعة سافو التمثيلية الغنائية (أوبرا) التي أخذت عنها دائما متجددة الشباب تمثل في فرنسا إلى الان، وفي مصر بدار الأوبرا الملكية كل موسم تقريبا. وهذه القطعة هي التي غنينا بنقلها (للرسالة) إلى لغتنا العربية الكريمة.

واسم سافو على ما يظهر غير فرنسي، لأنه اسم امرأةإغريقية اشتهرت ما بين القرن السادس والسابع قبل الميلاد بشعرها، كما اشتهرت بخلاعتها واستهتارها، حتى إنها لما ملك اليأس عليها كل سبيل ألقت بنفسها من أعلى صخرة (لوكاد) في اليم.

ولقد وضع برادييه المثال الفرنسي الشهير في سنتي 1848 و1852 تمثالين أولهما من البرونز والثاني من المرمر كأنا محل إعجاب الناس، حتى إن كثيراً منهم حصلوا على نسخ منهما، وقد سماهما باسمها. ولا يمكن أن يكون أراد بهما تخليد تلك القصة الشهيرة التي لم تظهر كما قدما إلا في سنة 1884 لأن أول هذين التمثالين تم ودوديه في الثامنة من عمره، وظهر ثانيهما قبل نشر قصته بنحو اثنتين وثلاثين سنة. ومن هذا يتضح أن برادييه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015