مجله الرساله (صفحة 49214)

لامه الناس وما اظلمهم ... وقليل من تغاضى أو عذر

قال ناس صرعة من قدر ... وقديما ظلم الناس القدر

ويقول الطب بل من جنة ... ورأيت العقل في الناس ندر

ويقولون جفاء راعه ... أب اغلظ قلبا من حجر

وامتحان صعبته وطأة ... شدها في العلم وأودى بالأسر

لا أرى إلا نظاماً فاسداً ... فكك العلم وأودى بالأسر

ولما نظم حافظ إبراهيم قصيدته المعروفة في شكوى الحياة، وقال فيها عن نفسه:

سعيت إلى أن كدت أنتعل الدما ... وعدت وما أعقبت إلا التندما

سلام على الدنيا سلام مودع ... رأى في ظلام القبر أنسا ومغنما

أضرت به الأولى فهام بأختها ... وإن ساءت الأخرى فويلاه منهما

فهي رياح الموت نكباء وأطفئ ... سراج حياتي قبل أن يتحطما!

انتقدته الصحف ونددت بهذه الروح، وقالت إحدى المجلات الأدبية: حرام علت حافظ إبراهيم أن يصور اليأس لأبناء مصر بهذه الصورة، وأن يكون لهم قدوة في التلهف في الموت ومفارقة الحياة، لأن هذا مما يحبب لهم الإقدام على الانتحار.

ولاشك أن ظاهرة الانتحار في مصر قد تطورت في مظاهرها وفي أسبابها، فبعد أن كانت محصورة في استعمال الشنق أو تجرع المواد السامة، أصبحت تتم بفنون مختلفة لإزهاق الروح وبعد أن كانت قاصرة على التلاميذ الراسبين، غدت نهبا لكل أسباب المضايقة ونكد الحياة، وقد دل آخر إحصاء عن حوادث الانتحار والشروع فيه بمصر في عام واحد على أن الإقدام على هذا الجرم الشنيع يرجع إلى عدة أسباب تبلغ في النسبة المئوية 86 بدافع المرض المزمن، و54 بسبب الفقر المدقع، و30 من جراء الشقاق العائلي، و24 من المتاعب الزوجية، و22 لسوء المعاملة، و17 من اثر الحزن، و16 بدافع الكوارث المالية، و12 لأسباب غرامية، و9 سبرا للعار وخوفا من الفضيحة. وعلى أي حال فإن هذا المرض ليس من طبيعتنا، ولكنه لعنة لحقت بنا من لعنات المدينة الأوربية. وما أكثرها.

هذه الألفاظ الأثرية أيضا:

لا أريد أن أدخل في مناقشة مع الأستاذ أحمد رضا عضو المجمع العلمي العربي الدمشقي،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015