مجله الرساله (صفحة 46360)

وفوق هذا فقد كانوا يقضون على السآمة التي تعقب مثل هذه الرحلات الشاقة بما يتفرغون له من دروس علمية أثناء سيرهم واستنساخ بعض الكتب العلمية التي هم في حاجة إليها.

وعسى أن تتاح لي الفرصة فأوافي (الرسالة) الغراء ببحث خاص ذا صلة بالموضوع، ومن كان متعجلاً فليراجع ما ورد بهامش مقال لنا نشر في عدد 234 من مجلة الرابطة العربية تحت عنوان: خصائص الشعر في عصر ابن شهاب أو يبل غلته بمراجعة تاريخ دخول الإسلام إلى (الفليبين) وهو من تأليف الدكتور نجيب صليب اللبناني المتوفى سنة 1935، وهو مطبوع في اللغة الإنجليزية طبع (مينلا) سنة 1905م

لقد كانت المدة التي قضيتها في البحر من حين أبحرنا من

(المكلا) بعد ظهر يوم الأحد في 7111943 إلى أن أرست بنا

السفينة في ميناء (جدة) في 25111943 هي الكفيلة بأن تتيح

لي ما لم يكن في الحسبان.

وكانت الدواعي التي تجعلني أهتم بالبحث في التعرف على أنباء اليم كثيرة، ولو لم يكن منها إلا المتعة الغذائية التي يتحفنا بها اليم في صباح كلُّ يوم ومسائه لكانت هي وحدها كافية فضلا عن الناحية العلمية التي يجدر بنا أن نشارك فبها بحسب المستطاع.

لفتت نظري هذه الأحياء العظيمة التي نشاهدها في البحر في كلُّ آن، وهي تمشي زرافات ووحدانا، والتي منها ما يتحدى سفينتنا في مجراها. فكاشفت ربان السفينة الحضرمية والبحارة وزملاؤهم أن لي شغفاً بالتعرف على هذه الأسماك مما شاهدنا وما لم نشاهد. فما كان منهم إلا أن أمدوني بهذه المعلومات التي أدونها (للرسالة) الغراء، ولهم علي فضل التنويه والشكر.

ولم يحجم أبناء البحر - أستغفر الله - بل أخدانه عن الحديث إلا ريثما أدون ما يفوه به المتصدي للحديث، وكنت أدقق في ضبط الألفاظ غاية التدقيق حتى إذا ما أشكل عليَّ لفظ استعدته مرة أخرى. هذا ما كان من جانبي؛ أما ما كان من جانبهم فانهم كانوا مرهفين أسماعهم لمحدثي. فإذا ما قدم أو أخر نبهوه إلى غلطة في الحال.

فكانت لدى متعة روحية طيلة الساعتين التي قضيتهما في العوم مع الأسماك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015