مجله الرساله (صفحة 44792)

وعلى هذه الوحدات مدعمة بسيارات النقل والطيران ألقى واجب افتتاح واحة الكفرة، والقضاء على آخر معقل من معاقل الإسلام والعروبة في الصحراء.

وكان الزحف على الكفرة من إجدابية إلى جالو، وهي تبعد (240 كيلو متراً) ومنها إلى بئر ذيجن (400 كيلو متر) ومنه إلى الكفرة (140 كيلو متراً) وتحركت الحملة في 20 ديسمبر سنة 1930 من إجدابية متجهة إلى الجنوب فقطعتها السيارات في أربعة أيام للوصول إلى جالو، وكان جراتزياني قد زار إجدابية في 25 نوفمبر سنة 1930 متفقداً المعسكرات، فوجد أن الحملة تجهز في أقرب وقت، وقد ذكر في تقاريره، أنه وازن الأمور والمصاعب وقدر لكل شيء ما يلزمه، وذكر أن الحملة بأكملها دربت تدريباً شاقاً بحيث يكون بوسعها أن تنزل أثقالها في 20 دقيقة وترفعها للسير بها بعد مضي نصف ساعة من صدور الأمر إليها بالسفر.

وذكر أنه في ليلة 28 و29 ديسمبر سنة 1930 هبت عليها ريح صرصر عاتية محملة بالرمال فأخفت كل شيء أمامها، حتى فكر الجنرال الإيطالي في إصدار أمره بالعودة، حينما امتنعت الجمال والدواب عن العليق والماء، وأعقب ذلك زمهرير قارص. ولكن جاء يوم 30 ديسمبر هادئاً صحواً، فأنتهز الفرصة وأصدر أمره الحاسم بالسير إلى الجنوب حتى لا تفلت الفريسة من يده.

وكان المرابطون بتلك الجهات حفنة من الرجال، هم بقايا الأمم والممالك التي سادت الصحراء، ليس أمامهم إلا المقاومة في بئر زيجن، أو على الطريق، أو الوقوف للدفاع عن الكفرة، وكانوا يعتقدون أن الطليان سيأتون من الغرب عن طريق فزان، أما جراتزياني فاستعان بسرب من الطائرات للاستكشاف، ثم أصدر أمره إلى فصيلتين من قوات البادية أن تتقدم كل واحدة منهما في طريق يفصلها عن الأخرى ثمانون كيلو متراً، فالتقت إحداهما بالمجاهدين واشتبكوا معها في قتال دام ثلاث ساعات، واقتحم الطليان الواحة على أجساد الشهداء.

ويهلل القائد بأن قواته دخلت في الموعد الذي سبق له أن حدده على خريطته. . .

وانتهت بذلك آخر مأساة في تأريخ الاستعمار الإيطالي بالصحراء

أحمد رمزي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015