المحادثة تكررت ويكون السوء أصاب مصر مرتين أصابها سنة 34 و 43 وبينهما تسع سنوات وكلمة (نحاس) مضبوطة بالشكل بضم النون وفتح الحاء غير المشددة. ومن معاني النحاس الدخان وبه فسر النحاس في آية (يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس) فهل كانت الكارثة التي نزلت بمصر في ذلك الزمن شيئاً من هذا القبيل؟ بيد أن الشاعر قال (نحاس كأحجار على مصر أمطرا) فجعل النحاس كالأحجار، أو لعله يريد بالنحاس قنابل مدافع من نحاس محشوة بأحجار. وفي دار الكتب المصرية ست نسخ مخطوطة من كتاب التنوير المذكور فقلت في نفسي لعل نسختي نقلها ناسخها من إحدى هذه النسخ فيكون خبر (النحاس كالأحجار) مثبتاً في آخرها فراجعتها فلم أجد أثراً فيها. وراجعنا بمعونة موظفي دار الكتب بعض كتب التاريخ التي وصلت في تدوين الحوادث إلى سنتي 1034 و 1043 فلم نجد بينها أثراً للخبر العجيب المذكور.
فنحن نروي لقراء الرسالة هذا الخبر على علاته، ونصه على زلاته، فلعل فيهم من يسعفنا باليقين من أمره فنكون له من الشاكرين.
عبد القادر المغربي
عضو المجمع
الأبيوردي
تساءل الأستاذ الجليل محمد إسعاف النشاشيبي في مقاله بعدد (الرسالة) الماضي عن (إرشاد الأريب) عند ذكر قصيدة الأبيوردي المعاوي التي قالها عند استيلاء الفرنج على بيت المقدس سنة 492هـ تساءل في بعض حواشي المقال: هل نظم الأبيوردي القصيدة وهو صغير أم نظمها بعد ذلك التاريخ، ويرجع تساؤل الأستاذ الجليل إلى اعتماده رواية ابن خلكان أنه مات سنة 557هـ وللأستاذ الجليل الحق في هذا التساؤل لأن المدة حينئذ بين نظم القصيدة وبين الوفاة هي خمس وستون سنة. . . وأقول: - لعل الحق أن وفاته كانت سنة 507هـ لا سنة 557هـ كما في بغية الوعاة صفحة 16 والدليل الذي لا يتطرق إليه الشك على صحة هذا التاريخ أن السيوطي ذكر نقلا عن السلفي أن الأبيوردي (أحضر عند السلطان أبيَ شجاع محمد بن ملك شاه تشخيصاً وهو على سرير ملكه فارتعد ووقع ميتاً