مجله الرساله (صفحة 44617)

في إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب

للأستاذ محمد إسعاف النشاشيبي

- 24 -

ج14 ص 84: قال (علي بن عيسى الرّبَعي: أخرج إليََّ عضد الدولة بيده مجلداً بآدم مبطناً بديباج أخضر مذهباً مفصولاً بالذهب بخط أحسنَ، فيه شعر مدبّر وحسن ليس له معنى، فقال لي كيف ترى هذا الشعر؟ فقلت: شعر مدبّر والذي قال خرب البيت، مسود الوجه. ثم يمضي على ذلك زمان ودخلت إليه، فأومأ إلى خادم وقال له: أمض إلى مرقدنا وجئنا بشعرنا، فمضى وجاء بالمجلد بعينه، وهو هو، فأبلست، فقال: كيف تراه؟ وتلجلج لساني وربا في فمي فقلت: حسناً جيداً.

قلت: (بخط حسن أو محسّن).

(فيه شعرُ مدْبِر ليس له معنى) أو (شعرُ مُدْبِرُ)

(فقلت شعر مدبر والذي قاله خرب البيت).

ومدبر متأخر متخلف، والأدبار نقيض الإقبال وأدبر أمر القوم: ولى لفساد كما في اللسان.

ويظهر من خبر رواه أبو البركات الأنباري في (نزهة الالباء في طبقات الأدباء) ص415 أن الربعي كان يستعمل هذا الوصف - أعني مدبرا - لكل ضعيف متأخر في صناعته، قال:

كان (الربعي) مبتلى بقتل الكلاب، فيحكى أنه اجتمع هو وأبو الفتح بن جنى يمشيان في موضع، فاجتازا على باب خربة، فرأى فيها كلباً، فقال لأبن جني: قف على الباب، ودخل فلما رآه الكلب يريد أن يقتله هرب، ولم يقدر ابن جني على منعه، فقال له الربعي: ويلك يا ابن جني! مدبر في النحو، ومدبر في قتل الكلاب. . .

قلت: قول الربعي لأبن جني - وهو يداعبه - مدبر في النحو - طرفة الطرف، ويا ليت أنه قال مدبر في التصريف حتى يجئ كلامه أعجوبة. . .

في يتيمة الدهر للثعالبي:

كان (عضد الدولة) على ما مُكن له في الأرض، وجُعل إليه من أزمة البسط والقبض، وخُص به من رفعة الشأن، وأوتي من سعة السلطان يتفرغ الأدب، ويتشاغل بالكتب،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015