مجله الرساله (صفحة 44244)

جمعية المعارف المصرية

لجنة لإحياء الكتب العربية في القرن التاسع عشر يرعاها ولى عهد

الخديو (محمد توفيق باشا)

للأستاذ محمود الشرقاوي

كنت أبحث عند بعض الوراقين الذين لم يعد يقصدهم أحد سوى القليلين من عشاق القديم الذين أصبحوا ندرة غريبة في مصر فعثرت عند كتبي يجاور الأزهر على جزأين قديمين من كتاب (أسْد الغابة في معرفة الصحابة) للإمام علي بن الأثير فاشتريتهما.

وعند المطالعة استوقف نظري ما كتب في ختام الجزء الرابع وهو: (بعون الله وتوفيقه تم الجزء الرابع من أسد الغابة في عاشر رمضان سنة 1286 يتلوه الجزء الخامس وبه إن شاء الله تعالى يتم الكتاب وأوله حرف النون المطبوع على ذمة جمعية المعارف المصرية البالغ أهلها الآن تسعمائة وثمانين).

فما هي جمعية المعارف المصرية هذه؟

لم أستطيع بوسائلي المحدودة سوى معرفة شئ قليل عن هذه الجمعية التي أعتقد أنها كانت لجنة خاصة لإحياء ونشر الكتب العربية القديمة وأنها كانت موجودة في النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي. وكان لهذه اللجنة نظام خاص يجعل للمشتركين فيها أو (لأهلها) على حد تعبير الفقرة المذيل بها الجزء الرابع من أسد الغابة حقا في شراء مطبوعاتها بقيمة التكاليف فقط، وأن أعضاء هذه الجمعية بلغوا تسعمائة وثمانين في سنة 1286 هجرية وهي تقابل سنة 1869 ميلادية.

وكانت جمعية المعارف المصرية هذه تطبع أمهات الكتب العربية القديمة وتبيح لأعضائها شراء نسخة واحدة منها (بأصل المصروف) كما تبيح لهم شراء ما يشاءون من النسخ بثمن يزيد عن أصل المصروف ولكنه ينقص عن الثمن الذي يشتري به من ليس عضواً في الجمعية. وهي إلى جانب ذلك تبيع مطبوعات غيرها وتبيعها لأعضائها بثمن أقل مما تبيعها به لغيرهم. ويستطيع القارئ أن يقدر ما في ذلك من التنظيم والروح التعاوني الترغيب في عضوية الجماعة إلى جانب ما فيه من روح التسامح والرغبة في نشر المطبوعات ولو لم تقم هي بطبعها، وما فيه أيضاً من الروح التجاري السليم. هذا كله فوق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015