خور عبد الله. ولما كانت ألمانيا تريد أن تبلغ البحر بأي ثمن، فقد أوعزت إلى تركيا أن توطد سيادتها الفعلية على الكويت بمساعدة ابن الرشيد. وبالغ السلطان عبد الحميد في تقدير التأييد الألماني له، فحاول عام 1900 أن يثبت سيادته عملا بتلك المشورة. لكن إنجلترا كانت ساهرة، فاضطرت الطوابير التركية إلى الانسحاب بأمر من قائد أسطول الخليج الفارسي، وبقيت الحال على ما كانت عليه، وعادت تركيا عام 1902، فاحتلت جانبا من الشاطئ شمالي الكويت، فقابلت إنجلترا ذلك عام 1903 بإعلان حمايتها لهذا الثغر. وعينت وجهة نظرها بالدقة تلقاء المطامع الألمانية، إذ قال اللورد لانسداون في 5 مايو عام 1903 بمجلس اللوردات: (إني أقول غير متردد إننا نعد قيام دولة أخرى بإنشاء قاعدة بحرية أو ثغر محصن في الخليج الفارسي تهديداً خطيراً للمصالح البريطانية، ونحول دونه حقاً بكل ما لدينا من وسائل)
ثم عقدت إنجلترا اتفاقاً مع تركيا في الربيع من عام 1914 عين البصرة مكاناً تنتهي فيه السكة الحديد البغدادية؛ وشرط الاتفاق أن يكون لإنجلترا في مجلس الإدارة بشركة هذا الخط عضوان يشرفان على كل ما يتعلق بإدارة مرحلته بين بغداد والبصرة؛ واعترفت إنجلترا في الاتفاق بسيادة تركيا على ثغر الكويت بشرط أن يحترم السلطان ما يتمتع به شيخه من الاستقلال الذاتي، ويحترم أيضاً ما بين الشيخ وحكومة لندن من الاتفاقات؛ ونزلت تركيا عن حقوقها على جزر البحرين وشبه جزيرة قطر، وأراضي عمان حتى مسقط؛ وشرط الاتفاق أيضاً لإنجلترا حرية الملاحة على دجلة إلى بغداد، وحق الإنارة ووضع علامات المخاطر، وحق القيام بأعمال البوليس أي حفظ النظام والأمن، وذلك كله في النهر وفي الخليج جميعه
ولما أوضحت الاتفاقات الدولية الموقف إيضاحاً كافياً رأت الحكومة الإنجليزية أنها أصبحت بعد ذلك على استعداد لمباحثة الحكومة الألمانية رأساً، ورغبت في عقد اتفاق مع ألمانيا، فكلفت هذه البرنس لخنوفسكي سفيرها في لندن أن يفاوض السيرجراي، وتقارب وجهتا النظر قبيل الحرب الكبيرة الماضية تقارباً يفتح باباً للأمل في عقد اتفاق شرقي ومعاهدة استعمارية بين ألمانيا وإنجلترا، وقد عقدت هذه المعاهدة في 15 يونية عام 1914 وأشار إليها السيرجراي في مجلس العموم في 29 من الشهر عينه، وسميت معاهدة بغداد.