مجله الرساله (صفحة 43307)

معظم أقوال الخطيب. . . وعلا وجوههم الوجوم، وبهتوا وأخذ يتلفت بعضهم إلى البعض، بينما راح فريق منهم يهز أكتافه في ملل وضجر.

واستمر الخطيب في خطبته - وقد اتخذ في رفقته هيئة الحزين. فقال: (بروكوفي اسبتسن. . . لقد كان وجهك وضاحا مع إنه قبيح. . . كنت عبوسا مقطب الجبين، ولكن كلنا يدرك أن تحت هذا المظهر الخارجي قلبا يغلب عليه الشرف والشفقة والحنان. . .). وفجأة لحظ المستمعون أن الخطيب نفسه بدأ يعتريه شيء من الاستغراب كان يتفرس في جهة معينة من الجمع الغفير. ولم يلبث أن كف عن الحديث وفغر فاه في دهشة. . . ثم مال على صديقه بيلافسكي وقال وهو يحملق في فزع (هه. لقد رأيته. . . إنه ما زال على قيد الحياة؟!).

- (من هو الذي لا زال على قيد الحياة؟!).

- (بروكوفي اسبتسن!! ها هو قائم عند حجارة القبر!!)

- (إنه لا زال على قيد الحياة. . . إنما الذي مات كيريل ايفانفتسن أما بروكوفي اسبتسن فقد كان كاتب الجامعة منذ حين وقد نقل إلى المنطقة الثانية رئيسا للمكتبة. . .).

- (يا للشيطان الذي أوحى ألي بذلك!).

- (لِمَ وقفت عن الحديث. . . انطلق عجبا!! إنك مضطرب). والتفت زبوكين إلى القبر، وفي فصاحته المعهودة تابع حديثه. أما بروكوفي اسبتسن كبير الكتبة الكهل ذو الوجه الحليق فقد كان قائما حقا قرب حجارة القبر. . . كان ينظر إلى الخطيب شزراً. . . وقد انتابته موجة من الغضب.

أخذ رفقاء زبوكين يتغامزون عليه في عودتهم (هه. . . هه. . . يا لك من غر! عجبا! أتود أن تدفن رجلا وهو يفيض بالحياة؟) ودنا منه بروكوفي اسبتسن وراح يقول في تذمر: هذا لا يليق أيها الشاب، إن حديثك هذا له قيمته إن كان في رجل قد ودع الحياة، أما إذا كان يمت إلى رجل حي فهو كلام فارغ وتهكم واستهزاء. . . كم تحدثت طويلا عن روحي وعن نفسي! أيها الأبله! ماذا كنت تقول؟! مثلا عالياً للقلب الطيب والضمير المنزه عن الرشوة. . إنها كلمات تقال للأحياء على سبيل التهكم، ومع ذلك من الذي دعاك إلى التحدث بإطناب عن وجهي؟! قبيح عبوس، ولنفرض إنه كذلك، ما الذي عاد عليك أيها الأبله من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015