مجله الرساله (صفحة 43261)

الفلسفة الإسلامية المتأخرة

للدكتور جواد علي

- 1 -

يختتم أكثر المستشرقين بحوثهم عن الفلسفة الإسلامية بفلسفة المؤرخ والفيلسوف العربي ابن خلدون، كما فعل المستشرق دي بور في كتابه (تاريخ الفلسفة في الإسلام) وهو كتاب سلس سهل بسيط لا يوجد مثله في البساطة والسهولة في اللغات الأوربية. وكما فعل أغلب من بحث في هذا الموضوع إذا ما استثنينا كتاب المستشرق ماكس هورتن عن (الفلسفة في الإسلام) وهو كتاب لا يستعرض الفلسفة الإسلامية عرضا تاريخياً بل يتتبع الترتيب الفلسفي، ويعالج المواضيع معالجة خاصة لا تخلو من نواقص وهفوات.

على أن هنالك طائفة غير يسيرة من الفلاسفة ظهرت بعد ابن خلدون تركت تراثا فلسفياً مهماً وآثاراً خالدة في عالم الحكمة نبعت في أرض الشرق الأدنى، وفي القرن الحادي عشر الهجري وما بعد كونت جيلاً خاصاً عليه طابع فلسفي خاص.

وفي طليعة أسماء رجال هذا الجيل عربي سوري من جبل عامل هو الشيخ محمد بن الحسين بن عبد الصمد الحارثي الجباعي العاملي المعروف (بالشيخ البهائي) (المتوفى عام 1030 للهجرة و1622 للميلاد) والمير باقي الداماد (المتوفى سنة 1041 للهجرة و1631 - 1632 للميلاد) والحكيم الشهير الملا صدرا (المتوفى سنة 1050 للهجرة و1640 - 1641 للميلاد) والملا محسن فيضي (المتوفى حوالي سنة 1091 للهجرة 1680 للميلاد) والملا عبد الرزاق اللاهيجي والحاج ملا هادي السبزوادي (المتوفى سنة 1295 للهجرة و1878 للميلاد).

وتغلب على فلسفة هذا الجيل الفلسفة الإشراقية الصوفية، ولذلك عدهم العلماء في عداد الفلاسفة الصوفيين الذين جمعوا بين الرياضة والمجاهدة وبين الحكمة الإشراقية التي ينسبها المسلمون عادة حين ينسبون هذه الفلسفة إلى أفلاطون

والإشراقيون هم أتباع المذهب القائل بحكمة الإشراق من تلاميذ المتصوف الإسلامي الشهير السهروردي المقتول عام 1191 للميلاد؛ غير أن الفلسفة الإشراقية تسبق عهد السهروردي بزمن طويل. وهذه الفلسفة (هي فلسفة روحانية لها في نظرية المعرفة مذهب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015