الأعلى من هذه الصفحة دائرة كبيرة ظهر لي في وسطها كتابة باللون الذهبي تأملتها طويلاً؛ فعلمت أنها أسم الكتاب (المصايد والمطارد). أما وسط الصفحة فأعتقد أنها خالية من الكتابة وهي مجرد نقوش. أما أسفل الصفحة ففيها كتابة يظهر أنها كانت مكتوبة باللون الذهبي وسط نقوش لازوردية، ولكن طمست معالم الكتابة، ولم يبق إلا آثار بعض الحروف فصعب قراءتها. ولا نجد على المخطوط ذكراً للمؤلف. فمن يا ترى مؤلف هذا المخطوط؟ ذكر ابن النديم أن (أبا دلف القاسم بن عيسى والفتح ابن خاقان وابن المعتز ومحمد بن عبد الله بن البازيار وأبا الفتح محمود ابن الحسين بن شاهن المعروف بكشاجم) ألفوا في الجوارح والصيد. ومؤلف المخطوط الذي بين أيدينا يستشهد بأبيات لابن المعتز وبأخرى لأبي فراس الحمداني المتوفى سنة 357هـ. ونحن نعلم أن أبا دلف توفى سنة 256هـ. والفتح بن خاقان توفى سنة 247هـ. وابن المعتز توفى سنة 296هـ. فيكون المؤلف قد عاش بعد هؤلاء الثلاثة. أما كشاجم وابن البازيار فإنهما كانا معاصرين لأبي فراس، وكانا من شعراء الدولة الحمدانية في حلب وعاشا في ظلالها، وتوفى كشاجم سنة 350 أو سنة 360هـ. وتوفى ابن البازيار سنة 352هـ. ولكن لدينا من الأدلة ما نؤيد أن المخطوط هو لكشاجم وهي:
1 - اتفق الذين ترجموا لكشاجم أنه كان متضلعاً من علوم عديدة، وكان كاتباً شاعراً وله كتاب (المصايد والمطارد) وذكر صاحب كشف الظنون (جـ 2: ص276) كتاب (المصايد والمطارد) لأبي الفتح محمود بن الحسين المعروف بكشاجم المتوفى سنة 350هـ. كما ذكر جرجي زيدان في كتابه تاريخ أدبيات اللغة العربية (جـ2: ص251) في ترجمة كشاجم وينسب إليه كتاب البزاة في علم الصيد، منه نسخة خطية في مكتبة غوطا. مما لا شك فيه الآن أن لكشاجم كتاباً اسمه (المصايد والمطارد)
2 - وقد ذكر صاحب هذا المخطوط في باب فضل لحم الصيد ما يأتي:
وأهديت إلى بعض إخواني صيداً وكتبت إليه في عقب علة كان فيها بهذه الأبيات:
أزال الله شكواك ... وأهدى لك أقواقا
خرجنا أمس للصيد ... وكنا فيه سُباقا
فسمينا وأرسلنا ... على أسهل إطلاقا