مجله الرساله (صفحة 40621)

المطابع من صحف المجلات عشرة آلاف صفحة في توافه المتبطلين والمتبطلات من رواد المراقص والمحافل وميادين السباق، ثم يستكثر بعد هذا بضع مئات من الصفحات على سيرة خالد بن الوليد أو عثمان بن عفان أو إنسان من ذوي الذكر كائناً من كان!

ويظن الكاتب الظريف أن (التقاليع) الأمريكية تنفع هنا كما تنفع في أخبار المجالس والأندية وما وراء الستار وما أمام الستار

والتقاليع الأمريكية لا تنفع في هذا الباب

لأنه يصح أن يذكر أن انتشار الزراعة أو الصناعة وما شابه ذلك من نظم الثروة وتوزيعها أمور فنية لها قوم مختصون بها، هم الاقتصاديون والزراعيون وخبراء المال والنقد والمصارف والشركات، ودخول الأدباء في هذه المباحث افتيات على (وظيفة) أصحابها وتعطيل لعملهم الذي هم أحق الناس أن يلتفتوا إليه

ويصح أن يذكر أننا تناولنا من مسائل العصر الحاضر أهمها وأولاها بالالتفات والتحقيق وهي مسألة النهاية التي تصير إليها الحرب الهتلرية، كما أوضحنا حقيقتها في كتابنا (هتلر في الميزان). ولم تكن هذه المسألة غريبة عن مستقبل الوطنية في مصر ولا عن مركز الاستقلال الحقيقي فيه، ولكنها غريبة عن عقول طمسها الله، فحملت من التبعات التي تجهل مداها ما تنوء به كواهل الأجيال

ويصح أن يسأل نفسه بعد هذا سؤالين وهما: ما هو الوقت الذي يسقط فيه حق التأليف بمضي المدة؟ أهو خمسون سنة أو مائة، أو عشرة أسابيع أو عشرة شهور؟

وأين هي الأمة التي ليس لها حاضر ولا مستقبل؟ ولماذا لم توجد أمة قط تركت الكتابة عن الماضي ولها حاضرها ومستقبلها في كل دقيقة من الزمان!

فسنة 1944 ليست هي الحاضر الوحيد الذي خلقه الله، وسنة 1944 ليست هي السنة الوحيدة التي اشتغل فيها الناس بمعيشتهم وبحثوا عن أسعار الخبز واللحم والقمح والقطن والشعير

سنة 1944 في هذا كسنة 944 وكسنة 94 وكسنة 94 وسنة 1944 قبل الميلاد

كل سنة من هذه السنين يا أخانا هي وقت حاضر، وهي سنة يأكل فيها الناس ويشربون ويهتمون بأسعار اللحم والخضر وبمسائل الفقر والغنى، وبمستقبل الصناعة والزراعة، أو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015